وابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئًا [المراسيل (٦٨٧)، جامع التحصيل (٦٨٣)، تحفة التحصيل (٢٧٧)]، والله أعلم.
• وفي الباب أيضًا: عن أبي هريرة، وجرير بن عبد الله البجلي، وأنس، وعائشة، وتأتي [انظر: سنن البيهقي (١/ ١٠٦ و ١٠٧) وغيره].
• وأما حكم المسألة:
قال الترمذي بعد حديث سلمان في الاستجمار (١٦): "وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم: رأوا أن الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء، إذا أنقى أثر الغائط والبول، وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق".
ثم قال بعد حديث معاذة عن عائشة (١٩): "وعليه العمل عند أهل العلم: يختارون الاستنجاء بالماء، وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم، فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء ورأوه أفضل. وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٣٨٧): "فإن الفقهاء اليوم مجمعون على أن الاستنجاء بالماء أطهر وأطيب، وأن الأحجار رخصة وتوسعة، وأن الاستنجاء بها جائز في السفر والحضر".
وقال ابن قدامة في المغني (١/ ١٠٦): "إذا استنجى بالماء لم يحتج إلى تراب، قال أحمد: يجزئه الماء وحده، ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استعمل التراب مع الماء في الاستنجاء ولا أمر به، فأما عدد الغسلات. . . قال أبو داود: سئل أحمد عن حد الاستنجاء بالماء؟ فقال: ينقي. وظاهر هذا أنه لا عدد فيه، إنما الواجب الإنقاء، وهذا أصح لأنه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عدد ولا أمر به. . .".
وانظر: مسائل صالح (٣٣ و ٥٢ و ١٣٨١)، مسائل عبد الله (١١٣ و ١١٤)، مسائل أبي داود (٢٢ - ٢٥)، مسائل الكوسج (٥).
وقال الشافعي في الأم (١/ ٢٢): "ولا استنجاء على أحد وجب عليه وضوء إلا بأن يأتي منه غائط أو بول فيستنجي بالحجارة أو الماء".
وقال النووي في شرح المهذب (٢/ ١١٧): "فقال أصحابنا: يجوز الاقتصار في الاستنجاء على الماء، ويجوز الاقتصار على الأحجار، والأفضل أن يجمع بينهما، فيستعمل الأحجار ثم يستعمل الماء، فتقديم الأحجار لتقل مباشرة النجاسة واستعمال الماء، ثم يستعمل الماء ليطهر المحل طهارة كاملة. فلو استنجى أولًا بالماء لم يستعمل الأحجار بعده لأنه لا فائدة فيه. . . وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لأنه يطهر المحل. ولا فرق في جواز الاقتصار على الأحجار بين وجود الماء وعدمه، ولا بين الحاضر والمسافر، والصحيح والمريض، هذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم".