وهذا قد تفرد به إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء، والأكثر على تضعيفه، وهو ممن يكتب حديثه كما قال البخاري وابن عدي [التهذيب (٣٢٧/ ١)]؛ تفرد به عن أبي الزبير دون بقية أصحابه على كثرتهم.
والمحفوظ في ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه (٣٠١٢ - ٣٠١٤) من طريق يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن جابرٍ، فلم يذكر فيه قصة الصبي والطير والجمل، وإنما ذكر قصة الشجرتين وفوران الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم-.
والشاهد منه قوله: سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلنا واديًا أفيح، فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي ... فذكر قصة الشجرتين وفيه قوله: فخرجتُ أُحضِرُ مخافةَ أن يُحِسَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقربى فيبتعد [وفي رواية: فيتبعَّد] ... الحديث.
وانظر: تخريج الذكر والدعاء (٤/ ١٢٧٩).
قال ابن المنذر في الأوسط (١/ ٣٢١): "ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان اذا أراد حاجته أبعد في المذهب.
وثبت عنه أنه أراد البول فلم يتباعد عنهم. والذي يستحب: أن يتباعد من أراد الغائط عن الناس، وله أن يبول بالقرب منهم".
• والحديث الذي أشار اليه:
حديث حذيفة بن اليمان، قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فانتهى إلى سُباطة قومٍ، فبال قائمًا، فتنحَّيْتُ، فقال: "ادنه" فدنوت، حتى قمتُ عند عقبيه، فتوضأ، فمسح على خفيه.
أخرجه البخاري (٢٢٤ و ٢٢٥ و ٢٢٦ و ٢٤٧١)، ومسلم (٢٧٣)، وأبو عوانة (١/ ١٦٩/ ٤٩٨ - ٥٠٤)، وأبو نعيم (١/ ٣٢٦/ ٦٢٥ و ٦٢٦)، وأبو داود (٢٣)، والترمذي (١٣)، والنسائي (١/ ١٩ و ٢٥/ ١٨ و ٢٦ - ٢٨)، وابن ماجه (٣٠٥ و ٣٠٦ و ٥٤٤)، والدارمي (١/ ١٧٩/ ٦٦٨)، وابن خزيمة (٦١)، وابن حبان (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٧/ ١٤٢٤ - ١٤٢٩)، وابن الجارود (٣٦)، وأحمد (٥/ ٣٨٢ و ٣٩٤ و ٤٠٢)، والطيالسي (٤٠٦)، والحميدي (٤٤٢)، والبيهقي (١/ ١٠٠ و ١٠١ و ٢٧٠ و ٢٧٤)، والبغوي في شرح السُّنَّة (١٩٣)، وغيرهم.
• وفي الباب:
١ - قال ابن ماجه (٣٣٣): حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب: حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن يونس بن خباب، عن يعلى بن مرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ذهب الى الغائط أبعد.
وهدا إسناد ضعيف؛ لضعف يونس بن خباب. ويحيى بن سليم: سيئ الحفظ؛ إلا أنه كان قد أتقن حديث ابن خثيم. ويعقوب بن حميد: كان كثير الغرائب.