والذي يظهر لي أن هذا وهم على يعلى بن عبيد نفسه، ولا أدري من أين جاء، ولعلّه من الناسخ.
فقد روى ابن المنذر الحديث في الأوسط (١٠٦٣)، من طريق يعلى بن عبيد بإثبات محمود بن لبيد، مثل الجماعة وهو الصَّحيح، وكذلك رواه ابن الأثير في أسد الغابة (٢/ ٢٣٣)، من طريق يعلى بن عبيد مقرونًا بابن نمير، بإثبات محمود بن لبيد.
الثالث: وقع في المطبوع من مسند أحمد (٣/ ٤٦٥): ثنا يزيد، قال: أنا محمَّد بن إسحاق، قال: أنبأنا ابن عجلان، عن عاصم بن عمر ...
فاحتج به بعضهم على أن ابن إسحاق قد دلس هذا الحديث عن عاصم بن عمر، وهو إنَّما يرويه عن ابن عجلان، عن عاصم.
والحقيقة بخلاف ذلك من وجهين:
الأوَّل: أن يزيد بن هارون -شيخ أحمد في هذا الحديث- إنَّما يروي هذا الحديث عن ابن إسحاق، عن عاصم، بلا واسطة، رواه عنه هكذا بدون ذكر ابن عجلان في الإسناد:
سريج بن يونس [بغدادي، ثقة] [عند: ابن حبان].
وعيسى بن أحمد العسقلاني [من عسقلان بلخ، يقال: إن أصله من بغداد. وهو: ثقة] [عند: البغوي].
وأحمد بن الوليد الفحام [أبو بكر البغدادي، قال الخطيب: "وكان ثقة"، تاريخ بغداد (٥/ ١٨٨)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٢٨٧)] [عند: البيهقي].
وعلي بن شيبة [هو: ابن الصلت بن عصفور أبو الحسن السدوسي مولاهم، أخو الحافظ يعقوب بن شيبة، بصري سكن بغداد مدة ثم انتقل إلى مصر، روى عنه المصريون أحاديث مستقيمة. وهذا الحديث يرويه عنه الإمام أبو جعفر الطحاوي المصري. تاريخ بغداد (١١/ ٤٣٦)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٤٠٣)] [شرح المعاني].
الوجه الثَّاني: جاء في نسخة مصححة للمسند (١٦٢٣٥): "حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا محمَّد بن إسحاق، وقال: أخبرنا ابن عجلان ... "، فالقائل هنا: "وقال: أخبرنا ابن عجلان" هو يزيد بن هارون، سمع هذا الحديث من شيخين، من ابن إسحاق، ومن ابن عجلان، وعليه فليس بين ابن إسحاق وبين عاصم أحد.
وفي نسخة مصححة أخرى للمسند (١٥٩١٣): "حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا محمَّد بن إسحاق، وابن عجلان، هكذا بواو العطف وبدون لفظ الإخبار، وكذا هو في إتحاف المهرة (٤/ ٤٧٢/ ٤٥٣٣)، وزاد: "يعني: كلاهما عن عاصم بن عمر"، وكذا في المسند الجامع (٥/ ٣٦٦٣/٢٥٢).
ووقع في طبعة الرسالة للمسند (٢٥/ ١٣٢/ ١٥٨١٩)، وفي طبعة المكنز (٦/ ٣٣٩٠/ ١٦٠٦١): "حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا محمَّد بن إسحاق، قال: وأخبرنا ابن عجلان ... "، وهو يؤيد ما سبق تقريره، والله أعلم.