إسماعيل بن مجمع، عن هرير بن عبد الرحمن، عن جده، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبي: وسمعنا عن أبي نعيم كتاب إبراهيم بن إسماعيل، الكتاب كله، فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر، وقد حدّثنا غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب.
قلت لأبي: الخطأ عن أبي نعيم أو عن أبي بكر بن أبي شيبة؟.
قال: أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر، إمَّا محمَّد بن يَحْيَى، أو غيره، فعلى هذا يدل أن الخطأ عن أبي نعيم، يعني: أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب، وغلط في نسبته، نسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع".
قلت: فدلت هذه القرينة على أن هذا الحديث ليس من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع المدني؛ لأنَّه لم يكن في كتابه الذي كتبه عنه أبو نعيم، وإنما يعرف هذا الحديث من حديث أبي إسماعيل المؤدب وقد اشتهر عنه.
فإن قيل: لم ينفرد بذلك أبو نعيم، فقد توبع عليه:
فقد رواه أبو سعيد مولى بني هاشم، عن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثنا هرير: سمعت جدِّي رافعًا ... الحديث.
أخرجه البُخاريّ في التَّاريخ الكبير (١/ ٢٨٩)، وقال حدثني هارون، قال: حدّثنا أبو سعيد به.
قلت: هارون شيخ البُخاريّ: هو هارون بن الأشعث البُخاريّ: ثقة، وما أرى هذه الرِّواية إلَّا وهمًا عن أبي سعيد مولى بني هاشم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري: وثقه أحمد، وابن معين، والطبراني، والبغوي، والدارقطني، وقال أبو حاتم: كما كان به بأس"، وقال فيه أحمد أيضًا: "كان كثير الخطأ"، وقال الساجي: "يهم في الحديث" [التهذيب (٢/ ٥٢٣)، الميزان (٢/ ٥٧٤)].
وهذه الرِّواية أوردها البُخاريّ في تاريخه عقب رواية موسى [هو: ابن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي]، عن أبي إسماعيل المؤدب، عن هرير بهذا الحديث، وذلك في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل بن رزين الشَّامي أبي إسماعيل المؤدب، وكان البُخاريّ أراد أن ينبه على أن أبا سعيد مولى بني هاشم قلب اسم المؤدب فجعل كنيته اسمه، واسمه اسمًا لأبيه؛ أو العكس.
ومما يؤكد هذا الذي ذهبت إليه أن ابن حبان لما ترجم للمؤدب في ثقاته (٦/ ١٤ - ١٥)، قال في آخر ترجمته: "وقد قيل: إبراهيم بن إسماعيل بن رزين"، ومعلوم أن ابن حبان أخذ مادة كتابه "الثقات" من تاريخ البُخاريّ الكبير، فأشار ابن حبان بهذه الجملة إلى رواية أبي سعيد مولى بني هاشم، وأنها وهم، لكن ثمة قلب وقع لاسم الراوي إمَّا في نسخة التَّاريخ أو الثقات، والله أعلم.
• والحاصل: أن هذا الحديث إنَّما يعرف من حديث أبي إسماعيل إبراهيم بن سليمان بن رزين المؤدب، ورواية أبي نعيم وأبي سعيد مولى بني هاشم: وهم.