للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في إثبات الرؤية له، فالصحيح: أنَّه معدود في التّابعين، لا تصح له صحبة ولا رؤية، وممن ذهب إلى هذا: البُخاريّ [حيث عدَّ روايته عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلة]، وأبو حاتم [حيث ضعف رواية العقيقة، ولم يصحح إتيانه النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -]، وابن حبان [حيث عده في ثقات التّابعين]، قال ابن منده، وأبو نعيم: "لا تصح له صحبة".

وأمَّا ما ذهب إليه ابن عبد البر، وتبعه عليه ابن حجر: من إثبات الرؤية له، فلا حجة لهما عليه، والله أعلم [انظر: التَّاريخ الكبير (٥/ ١٧٠)، الجرح والتعديل (٥/ ١٣٥)، الثقات (٥/ ٤٠)، المخزون (١٤٥)، معرفة الصّحابة لأبي نعيم (٣/ ١٧٤٨)، أسد الغابة (٣/ ٣٥٨)، الاستيعاب (٣/ ٩٦٢)، الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصّحابة (١/ ٣٧٤)، الإصابة (٥/ ٢٢)، تحفة التحصيل (١٨٤). إكمال مغلطاي (٨/ ١٢٠)، التهذيب (٢/ ٤٠٣)، التقريب (٣٣٥)].

والحاصل: أن عبد الله بن فضالة الليثي هذا: لم يرو عنه سوى: أبي حرب بن أبي الأسود، وعوف بن أبي جميلة الأعرابي، ولم يوثقه غير ابن حبان، حيث عدَّه في ثقات التّابعين، وهو قليل الرِّواية جدًّا [انظر: المعجم الكبير للطبراني (١٨/ ٣٢٠) فلم يذكر له سوى حديثين من روايته عن أبيه، وهما غير رواية عوف عنه المرسلة]، فمثل هذا هو في عداد المجاهيل، فكيف يقبل منه ما تفرد به؛ مما يحتاج إلى تكلف ظاهر في التأويل؟! [انظر من تأوله: سنن البيهقي (١/ ٤٦٦)، الإمتاع لابن حجر عن (٤٨)، وغيرهما].

إذ كيف يُعقَل أن يُسقِط النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من أحد المكلفين ثلاثة فروض، هي من فروض الأعيان، وأعظم واجبات الدين؟! فإن تنزلنا، قلنا: كيف يعقل أن يجوز له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تركَ المحافظة على مواقيت الظهر والمغرب والعشاء؟!!

فلو صح هذا الحديث لكان مفهومه ناسخًا لمنطوق الكتاب العزيز: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]. ومن هنا يأتي القول بأن هذا الحديث منكر، مخالف لعموم الكتاب والسنة.

فإن قيل: أليس هذا الحديث هو في معنى حديث: "من صَلَّى البردين دخل الجنَّة، وحديث: "لا يلج النَّار أحد صَلَّى قبل طلوع الشَّمس وقبل غروبها"، وكذلك الأحاديث الواردة في فضل بعض الصلوات بعينها دون غيرها؟

فيقال: ما في هذه الأحاديث إنَّما هو مزيد اهتمام وعناية بهذه الصلوات؛ لما يعرض للإنسان في المحافظة عليها في أوقاتها من عوائق وشواغل، قد تؤدي إلى تأخيرها أو نسيانها، مما دعا الشارع الحكيم إلى التنويه بفضلها، والحث على المحافظة عليها، بذكر ثواب زائد، أو عقوبة على من فرط في إخراجها عن وقتها، وهذا لا يمنع ثبوت الثواب والعقاب في غيرها [انظر هذا المعنى في كلام شيخ الإسلام. المجموع (٦/ ٤٢٣)]، الله أعلم.

وأمَّا هذا الحديث فظاهره الترخيص في ترك المحافظة على غير الفجر والعصر، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>