قال: يا عمرو بن ميمون! قد كنت أظنك أفقه أهل هذه القرية، تدري ما الجماعة؟ قال: قلت: لا. قال: إن جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق، وإن كنت وحدك".
أخرجه ابن عساكر (٤٦/ ٤٠٨ - ٤٠٩).
ولا أرى هذه الزيادة محفوظة من حديث الوليد بن مسلم، والله أعلم.
والذي يظهر لي من هذا الاختلاف: أن الرَّفع محفوظ؛ إذ هو زيادة من ثقتين؛ فهي مقبولة، لا سيما ودحيم: حافظ متقن، ضابط لحديثه، يُعتمد على حفظه، يروي هذا الحديث من أهل بلده، وأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، قال أبو حاتم: "كان دحيم يميز ويضبط حديث نفسه"، وكان يرفع من شأنه كثيرًا. وهو: متَّفقٌ على إمامته وجلالته وحفظه، وعليه يُعتمد في تعديل شيوخ الشَّام وجرحهم. انظر: الجرح والتعديل (٥/ ٢١١)، تاريخ دمشق (٣٤/ ١٦٣)، التهذيب (٢/ ٤٨٤)، وغيرها.
فإن قيل: قد روي موقوفًا عن الأوزاعي من وجه آخر. فيقال: نعم، لكن لا يصح، ولا يعارض بمثله رواية الوليد بن مسلم؛ وهو من أثبت النَّاس في الأوزاعي، وأعلمهم بحديثه.
رواه نعيم بن حماد، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمَّد الفَزَاريّ، قال: حدّثنا الأوزاعي، عن حسَّان بن عطية، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون، قال: قدم علينا معاذ بن جبل، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوقع حبه في قلبي، فلزمته حتَّى واريته في التُّراب بالشام.
ثم لزمت أفقه النَّاس بعده: عبد الله بن مسعود، فذُكر يومًا عنده تأخير الصَّلاة عن وقتها، فقال: صلوها في بيوتكم، واجعلوا صلاتكم معهم سبعة. قال عمرو بن ميمون: فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي: يا عمرو بن ميمون! إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنَّما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك.
أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (١/ ١٠٨/ ١٦٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٦/ ٤٠٨ و ٤٠٨ - ٤٠٩).
ونعيم بن حماد: ضعيف، وأحسن أحواله أن يقال فيه: صدوق، كثير الوهم والخطأ، له مناكير كثيرة تفرد بها عن الثقات المشاهير [انظر: التهذيب (٤/ ٢٣٤)، الميزان (٤/ ٢٦٧)]. والفزاري هو: الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن الحارث، الكوفي، نزيل الشَّام، وفي تفرد نعيم بن حماد، المروزي، نزيل مصر، عنه نكارة، والله أعلم.
وقد تابع الأوزاعي على رفعه: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
فقد روى الطّبرانيّ في مسند الشاميين (١/ ١٣٨/ ٢٢٠) عن أبي زرعة الدّمشقيّ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢١/ ٤٢٣) و (٤٦/ ٤١٠) و (٤٧/ ١٢١) من طرق عن أبي زرعة قال: نا يَحْيَى بن عمرو بن عمارة الليثي، قال: سمعت ابن ثوبان، يقول: حدثني حسَّان بن