للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه؟ وزادا: "فإن صلاة فيه كألف صلاة" هكذا أخرجه أحمد وابن ماجه" اهـ كلامه.

قلت: زاد لها الطبراني في معجمه الكبير (٢٥/ ٣٥ - ٣٨/ ٥٩ - ٦٩) على هذه الأربعة: عشرة أحاديث، بإسناد واحد، قال الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري: ثنا إسحاق بن زريق الراسبي: ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: ثنا عبد الحميد بن يزيد، عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز، عن ميمونة بنت سعد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لغرابته، وجهالة رواته، وفيهم من ضُعِّف، وقد تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (٢٢٧)، وغيره، وفيها ما يستنكر، وعلى هذا فلا يصح لها حديث فيما يظهر، والله أعلم.

وقال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير للبيهقي" (٢/ ٨٦٩/ ٣٨٢٦): "وهذا خبر منكر؛ وكيف يسوغ أن يبعث بزيت ليسرجه النصارى على التماثيل والصلبان؟! وأيضًا: فالزيت منبعه من الأرض المقدسة، فكيف يأمرهم أن يبعثوا به من الحجاز محل عدمه إلى معدنه؟! ثم إنه عليه السلام لم يأمرهم بوقيد ولا بقناديل في مسجده ولا فعله، وميمونة: لا يدرى من هي، ولا يعرف لعثمان سماع منها".

فلله درُّ هذا الإمام الناقد البصير، ومما يشهد لكلامه: ما جاء في حديث أبي برزة: وكان يصلي الصبح وما يعرف أحدنا جليسه [تقدم برقم (٣٩٨)]، فلو كان المسجد مُسرجًا لعرف بعضهم بعضًا، والله أعلم.

• فإن قيل: لهذا الحديث إسناد آخر يقويه:

قال السخاوي في البلدانيات (٦٦ - ٦٧): "ورواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن ثور، فقال: عن مكحول، أن ميمونة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيت المقدس؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم المسكن بيت المقدس، ومن صلى فيه صلاة كانت بألف صلاة فيما سواه" قالت: فمن لم يطق ذلك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "فليهد زيتًا".

وهذا مرسل، فظاهره شهود مكحول سؤال ميمونة - رضي الله عنها -، وعلى تقدير روايته له عنها فهو لم يسمع منها، والذي قبله أصح".

قلت: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، هو: محمد بن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي، وليس هو: القرشي العامري المديني، فإنه تابعي، من الطبقة الثالثة، وأما الدمشقي هذا فإنه من الطبقة التاسعة تقريبًا، وهو: لا يكاد يعرف، ولعل الراوي عنه هو ذاك الذي ترجم له أبو نعيم في مقدمة مستخرجه على مسلم (١/ ٨٥/ ٢٦٢) فقال: "الوليد بن الوليد القيسي: روى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان موضوعات".

فلا أراه يصح عن مكحول، وإنما يرويه ثور عن زياد بن أبي سودة، لا عن مكحول.

• والخلاصة: فإن حديث ميمونة هذا: حديث منكر، كما قال الذهبي رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>