للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البخاري (٢٩٩٢ و ٤٢٠٢ و ٦٣٨٤ و ٦٤٠٩ و ٦٦١٠ و ٧٣٨٦)، مسلم (٢٧٠٤)]، ومثل ما ثبت في حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء" [مسلم (٤٨٢)].

قال حماد بن زيد، والشافعي، وغيرهما: "يقرب من خلقه كيف شاء" [انظر: ضعفاء العقيلي (١/ ١٤٣)، مقالات الإسلاميين (٢٩٥)، مجموع الفتاوى (٤/ ١٨١) و (٥/ ٣٧٦ و ٣٨٥)، اجتماع الجيوش الإسلامية (٩٤ و ١٥٥)، العلو (١٦٥ و ٢٠٥ و ٢١٧ و ٢٢١)، السير (٩/ ٣٣٣)، وغيرها].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (١٥/ ١٧): "وهذا القرب من الداعي هو قربٌ خاصٌّ، ليس قربًا عامًّا من كل أحد، فهو قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وقال (٥/ ٤٦٠): "وأصل هذا: أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف"، وقال (٥/ ١٣١): "والكلام في هذا القرب من جنس الكلام في نزوله كل ليلة، ودنوه عشية عرفة، وتكليمه لموسى من الشجرة، وقوله {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: ٨]، وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما قاله السلف في مثل ذلك، مثل حماد بن زيد وإسحاق بن راهوية وغيرهما، من أنه ينزل إلى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، وبيَّنا أن هذا هو الصواب"، ومما يقرِّب فهمه أيضًا قوله عن النزول والقرب (٥/ ٢٤٣): "والصواب قول السلف: أنه ينزل، ولا يخلو منه العرش، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلًا ونهارًا إلى أن يموت، ووقت النوم تعرج، وقد تسجد تحت العرش، وهي لم تفارق جسده، وكذلك: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وروحه في بدنه، وأحكام الأرواح مخالف لأحكام الأبدان، فكيف بالملائكة؟!، فكيف برب العالمين؟! ".

وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ٣٣١): "ولم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله، واطلاعه على عباده وإحاطته بهم، وقربه من عابديه، وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشيةً لله وتعظيمًا وإجلالًا ومهابةً ومراقبةً واستحياءً، ويعبدونه كأنهم يرونه.

ثم حدث بعدهم من قلَّ ورعه، وساء فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره، وأراد أن يُريَ الناسَ امتيازَه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان، كما يحكى ذلك عن طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وهذا شيء ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة - رضي الله عنهم -،. . .!.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ١٥٧): "وأما قوله في هذا الحديث: "فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى": فكلامٌ خرج على التعظيم لشأن القبلة وإكرامها، والله أعلم، والآثار

<<  <  ج: ص:  >  >>