فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجبتُك"، فقال الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني سائلك فمُشدِّدٌ عليك في المسألة، فلا تجد عليَّ في نفسك، فقال:"سَلْ عمَّا بدا لك" فقال: أسألك بربِّك وربِّ مَن قبلَك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال:"اللهم نعم"، قال: أنشُدُك باللَّه! آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال:"اللهم نعم"، قال: أنشدك بالله! آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال:"اللهم نعم"، قال: أنشدك بالله! آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم نعم"، فقال الرجل: آمنتُ بما جئتَ به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر.
• روى هذا الحديث عن الليث بن سعد به هكذا: ابنه شعيب بن الليث، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ويونس بن محمد المؤدب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، ويحيى بن حسان التنيسي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وحجاج بن محمد المصيصي، والنضر بن عبد الجبار المرادي، وعيسى بن حماد زغبة، وهو آخر من حدث عنه من الثقات، وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وعاصم بن علي الواسطي [وهم (١٣) ثلاثة عشر رجلًا من الثقات، من أهل بيته، وأهل بلده، ومن الغرباء، وفيهم: أصحابه المكثرين عنه، وأحفظهم لحديثه، وآخر من حدث عنه]: لم يذكر أحد منهم واسطة بين الليث بن سعد، وبين سعيد المقبري، وصرح الليث -في رواية سبعة منهم- بسماعه هذا الحديث من المقبري.
• خالفهم: يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري المدني [ثقة]، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا ابن عجلان، وغيره من إخواننا، عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك يقول:. . . فذكر مثله؛ إلا أنه لم يذكر الصلوات الخمس.
أخرجه النسائي في المجتبى (٤/ ١٢٣ - ١٢٤/ ٢٠٩٣)، وفي الكبرى (٣/ ٩١/ ٢٤١٤).
قال: أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم من كتابه، قال: حدثنا عمي -وهو: يعقوب بن إبراهيم-، به.
وهذا إسناد صحيح إلى يعقوب.
ومثل هذا مما يقال فيه: إنه من المزيد في متصل الأسانيد، فإن رواية جماعة الثقات من أصحاب الليث، ممن هم أعلم بحديثه من غيرهم: أصح من رواية الثقة الواحد من الغرباء، ممن قد يتطرق الوهم إليه، بخلاف الجماعة، والليث بن سعد: صحيح السماع من سعيد المقبري، وروايته عنه في صحيح البخاري [انظر: الصحيح (٤٦٩ و ٣١٦٩) وأطرافهما]، وهو ممن لا يكتفي بمجرد المعاصرة وإمكان اللقاء، وقد ثبت سماع الليث من المقبري بالأسانيد الصحيحة، كما في هذا الحديث أيضًا.
أو يقال: إن الليث سمعه أولًا من ابن عجلان وغيره، ثم لقي المقبري بعد ذلك فسمعه منه، والله أعلم.