قال ابن حجر في الفتح (١/ ١٥٠): "وفي هذا دليل على أن رواية النسائي. . . موهومة، معدودة من المزيد في متصل الأسانيد، أو يحمل على أن الليث سمعه عن سعيد بواسطة ثم لقيه فحدثه به".
• وقد اختلف فيه على سعيد المقبري:
أ- فرواه الليث، عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك يقول:. . . فذكره.
ب- وخالفه: عبيد الله بن عمر [ثقة ثبت]، وأخوه: عبد الله بن عمر [ليس بالقوي]، والضحاك بن عثمان الحزامي [صدوق يهم]، رواه ثلاثتهم: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:. . . فذكروه بنحوه، وزاد الأولان فيه ذكر الحج.
أخرجه النسائي في المجتبى (٤/ ١٢٤/ ٢٠٩٤)، وفي الكبرى (٣/ ٩٢/ ٢٤١٥)، وأبو داود الطيالسي (٤/ ٩٠/ ٢٤٤٩)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (٢/ ٣٥٣) و (٣/ ١٠٦٤)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (٢٤٤٧)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ٥٩/ ٧٨٥)، والدارقطني في الأفراد (٥/ ١٩٢ - ١٩٣/ ٥١١٧)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٨٦ - ١٦٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣/ ٢٧٣)، وذكره ابن أبي حاتم في العلل (١/ ١٦٧/ ٤٧٥)، والدارقطني في العلل (٨/ ١٥٠/ ١٤٧٠).
هكذا قالوا: عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فسلكوا فيه الجادة والطريق السهل.
والصواب: ما رواه الليث؛ فهو ثقة ثبت، إمام حافظ، وهو: أثبت الناس في سعيد المقبري، ممن يفصل حديثه عن أبي هريرة، عن حديثه عن غيره [انظر: شرح العلل (٢/ ٦٧٠)].
فإن قيل: كيف تُقدَّم رواية الليث على رواية عبيد الله، مع كون الأخير: أثبت وأحفظ، وهو مُقدَّم أيضًا في المقبري؟
فيقال: رواية عبيد الله بن عمر العمري: غريبة، لا تثبت عنه، فقد تفرد بها عنه: الحارث بن عمير البصري، نزيل مكة، وهو: ثقة من أصحاب أيوب، له مناكير، وفي تفرده عن عبيد الله بن عمر العمري المدني دون بقية أصحابه الثقات -على كثرتهم- نكارة [انظر: التهذيب (١/ ٣٣٥)، الميزان (١/ ٤٤٠)، المجروحين (١/ ٢٢٣)، التنكيل (١/ ٢٢٠/ ٦٨)، الفوائد المجموعة (٢٩٧)]، وتفرد به عن الحارث: ابنه حمزة وهو: ثقة.
قال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به حمزة بن الحارث بن عمير، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد".
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث الضحاك بن عثمان؟ فقال: "هذا وهم؛ إنما رواه الليث، عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أشبه" [العلل (١/ ١٦٧/ ٤٧٥)]، وهذا مما يشعر بعدم ثبوت الرواية عن عبيد الله بن عمر، إذ لو كانت ثابتة مشهورة عنه لما غفل عنها أبو حاتم، والله أعلم.