للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة (٣/ ٢٢١): "حدثنا محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عليًّا [يعني: ابن المديني]، [قال:] قال بهز [يعني: ابن أسد]: سألت حماد بن سلمة: عن حديث ثابت عن أنس، أن أعرابيًّا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة والزكاة؟ فقال: هذا إنما هو: عن ثابت مرسل. فقلت: إنه سليمان بن المغيرة! فقال: قد كان يسألني عن حديث ثابت".

وقال الدارقطني في العلل (٤/ ٤٢/ ب): "يرويه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس، وخالفه حماد بن سلمة فرواه عن ثابت مرسلًا، وحماد بن سلمة: أثبت الناس في حديث ثابت".

وقال ابن حجر في الفتح (١/ ١٥٠): "وما فرَّ منه مسلم [يعني: من حديث الليث الذي أخرجه البخاري للاختلاف الواقع فيه على سعيد المقبري] وقع في نظيره؛ فإن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وقد روى هذا الحديث عن ثابت فأرسله، ورجَّح الدارقطني رواية حماد".

وقال أيضًا (١/ ١٥٣): "وإنما علقه البخاري لأنه لم يحتج بشيخه سليمان بن المغيرة، وقد خولف في وصله، فرواه حماد بن سلمة عن ثابت مرسلًا، ورجحها الدارقطني، وزعم بعضهم أنها علة تمنع من تصحيح الحديث، وليس كذلك؛ بل هي دالة على أن لحديث شريك أصلًا".

قلت: سليمان بن المغيرة: ثقة ثبت مأمون، متفق على توثيقه، وقال أحمد وابن المديني بأن أثبت الناس في حديث ثابت: حماد بن سلمة، ثم بعده: سليمان بن المغيرة، [انظر: العلل لابن المديني (١٥١)، الجرح والتعديل (٤/ ١٤٤)، التهذيب (٢/ ١٠٨)، شرح علل الترمذي (٢/ ٦٩٠)]، وعادة الأئمة أنهم لا يقدمون أحدًا على حماد بن سلمة في حديث ثابت، فقد كان أعلمَ الخلق بحديث ثابت، وإذا اختلف حماد وسليمان بن المغيرة في حديث ثابت، قدموا حماد بن سلمة [انظر على سبيل المثال: علل ابن أبي حاتم (٢/ ١٢ و ٥٦ و ٢٣٢/ ١٥١٠ و ١٦٥٥ و ٢١٨٥)، صحيح مسلم (١٨١)، جامع الترمذي (٢٥٥٢ و ٣١٠٥) وعلى هذا فالأقرب للصواب في هذا الحديث أنه: مرسل، كما ذهب إلى ذلك إمام علم العلل: علي بن المديني؛ بناءً على المناظرة التي وقعت بين حماد بن سلمة وبهز بن أسد، وتبعه على ذلك: الدارقطني، واستضعف الترمذي الموصول، ولعل مسلمًا لم يقف على رواية حماد المرسلة؛ فصحح الحديث من رواية سليمان، والله أعلم.

ولذلك فقد أعرض البخاري عن هذه الرواية، ولم يذكرها إلا تعليقًا، وعمد إلى رواية شريك بن أبي نمر عن أنس، فأخرجها في صحيحه، معتمدًا عليها، دون رواية ثابت التي اشتملت على زيادات ليست في رواية شريك، لا سيما ذكر الحج فيها، مع العلم بأن إسلام هوازن -والتي منها قبيلة سعد بن بكر- إنما كان بعد فتح مكة، بعد غزوة حنين، سنة ثمان، ولم يكن الحج قد فرض بعدُ، إذ الصحيح أنه فرض سنة تسع من الهجرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>