تأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئًا، وأن نخلعَ هذه الأنداد التي كانت يعبد آباؤنا من دونه؟ قال:"اللهم نعم" قال: فأنشُدُك بالله! إلهك، وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله أمرك أن تأمرنا أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ فقال:"اللهم نعم"، ثم جعل يذكر فرائض الإسلام، فريضةً فريضةً: الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها، يناشده عند كل فريضة، كما ناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه، لا أزيد عليه، ولا أنقص، ثم انصرف إلى بعيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن صدق ذو الغديرتين دخل الجنة".
زاد محمد بن حميد الرازي [حافظ ضعيف، كثير المناكير] عن سلمة الأبرش [عند الدارمي وابن شبة والطبري] بعد ذلك قوله: فأتى إلى بعيره، فأطلق عقاله، ثم خرج، حتى قدم على قومه، فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم أن قال: بئست اللات والعزى، قالوا: مه يا ضمام! اتقِ البرصَ، واتقِ الجنونَ، واتقِ الجذامَ، قال: ويلكم! إنهما والله! لا تضران ولا تنفعان، إن الله قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا، استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. قال: فوالله! ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجلٌ ولا امرأةٌ إلا مسلمًا، قال: يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة.
• وهذه الزيادة: محفوظة من حديث ابن إسحاق، فلم ينفرد بها محمد بن حميد الرازي عن سلمة الأبرش عن ابن إسحاق، فقد تابعه عليها: إبراهيم بن سعد، وزياد بن عبد الله البكائي، ويونس بن بكير، وحفص بن عبد الرحمن بن عمر البلخي النيسابوري قاضيها:
رواه أربعتهم [وهم من ثقات أصحاب ابن إسحاق، لا سيما إبراهيم بن سعد الزهري المدني]، عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن الوليد بن نويفع، عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن عباس، قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة. . . فذكروا الحديث بتمامه مع الزيادة، إلا إنهم لم يذكروا في الإسناد: سلمة بن كهيل مقرونًا بابن نويفع.
أخرجه الحاكم (٣/ ٥٤)، وأحمد (١/ ٢٥٠ و ٢٦٤ و ٢٦٥)، وابن هشام في السيرة النبوية (٥/ ٢٦٧)، والبزار (١١/ ٣٨٤ و ٣٨٥/ ٥٢١٨ و ٥٢١٩)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٣٧٤)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٨٦)، وابن بشكوال في الغوامض (١/ ٥٧)، وابن الجوزي في التحقيق (٢/ ١١٩/ ١٢١٤)، وفي المنتظم (٣/ ٢١٦)، والسبكي في طبقات الشافعية (١/ ٨٣ - ٨٤).
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن إقران سلمة بن كهيل في هذا الإسناد مع محمد بن الوليد بن نويفع: إنما هو وهمٌ من سلمة بن الفضل الأبرش الرازي، فهو وإن كان صدوقًا؛