السائب، قال: حدثني سالم بن أبي الجعد، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن رجلًا من أهل البادية أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك يا غلام بني عبد المطلب. . . .
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ٢٣٣).
وعليه: فإن رواية عطاء بن السائب هذه: ضعيفة، مضطربة، لا يعوَّل عليها.
وأما رواية ابن فضيل عن موسى بن المسيب، أو: ابن السائب، أبي جعفر، فهي أولى بالصواب من رواية الثوري -والله أعلم-؛ لأن رواية الثوري: غريبة عنه، ورواية ابن فضيل: مشهورة عنه، قد انتشرت، وحملها عنه جمع من الثقات المشاهير، مثل ابن أبي شيبة، وابن نمير، وأحمد بن عمر بن حفص الوكيعي، ومحمد بن أبان بن وزير البلخي، ويوسف بن موسى بن راشد القطان، وغيرهم، بخلاف رواية الثوري فالنفس لا تطمئن لثبوتها عنه؛ لغرابتها، وأصحاب الثوري الثقات الذين حملوا عنه الحديث أكثر وأشهر بكثير من أصحاب ابن فضيل، كما أن الثوري إمامٌ كبير القدر في الحديث والفقه والعلم والسنة والزهد والورع، كان إمامًا من أئمة المسلمين وعلمًا من أعلام الدين، مع إتقانه وحفظه وضبطه المنقطع النظير، بخلاف ابن فضيل، فهو وإن كان صدوقًا من أهل العلم؛ إلا أنه كان شيعيًا غاليًا في التشيع، فكيف تنتشر رواية ابن فضيل دون رواية الثوري!
• وقد خولف موسى بن المسيب في وصل هذا الحديث:
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال"(٥٦٨): حدثنا هشيم: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد، قال: جاء رجل من بني سعد بن بكرٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال هشيم: أما حصين فلم يسمه، وأما غيره فقال: ضمام بن ثعلبة- فقال: يا غلام بني هاشم! إني وافد قومي وسيدهم، إني سائلك وناشدك، فمشتدة نشدتي، فلا تجدنَّ عليَّ، بالله الذي خلقك وخلق من قبلك ويخلق من بعدك! فإنه جاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نعبد الله وحده، ونذر عبادة اللات والعزى، أهو الذي أمرك بذلك؟ قال:"نعم" قال: وجاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نصلي في كل يوم خمس صلوات، أهو أمرك بذلك؟ قال:"نعم" قال: وجاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك بأن نصوم شهر رمضان، أهو أمرك بذلك؟ قال:"نعم" قال: وجاءتنا كتبك وجاءتنا رسلك أن يُؤخَذ من حواشي أموال أغنيائنا فيُرَدَّ على فقرائنا، أهو أمرك بذلك؟ قال:"نعم" ثم قال: فأما تلك الهنات -يعني: الحواشي [يريد: الفواحش]- فلسنا سائليك عنها، ولا قاربيها، ثم انطلق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن يصدق يدخل الجنة".
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
هكذا قال حصين بن عبد الرحمن: عن سالم: مرسلًا، وهو: الصواب؛ فإن حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي: ثقة ثبت حجة، وهشيم ممن سمع منه قبل التغير، وهو أعلم الناس بحديثه، وحصين: أعلم وأكثر رواية لحديث سالم بن أبي الجعد من موسى بن المسيب، وأحفظ منه وأضبط، وروايته عن سالم في الصحيح.