• وعلى هذا: فلم يتابع محمد بن الوليد بن نويفع [وهو: مجهول]، على روايته عن كريب، وسالم بن أبي الجعد ممن يروي عن كريب عن ابن عباس، وروايته بهذا الإسناد في الصحيح [انظر: البخاري (١٤١) وأطرافه، مسلم (١٤٣٤)]، فلو كان هذا الحديث عند كريب عن ابن عباس؛ لحمله عنه أصحابه الثقات، مثل سالم بن أبي الجعد، ولما أرسله سالم، والله أعلم.
• وله إسناد آخر عن كريب، لكنه لا يسوي فلسًا:
قال ابن سعد في الطبقات (١/ ٢٩٩): أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن كريب، عن ابن عباس، قال: بعثت بنو سعد بن بكبر في رجب سنة خمسٍ ضمامَ بن ثعلبة، وكان جلدًا أشعر ذا غديرتين، وافدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله فأغلظ في المسألة، سأله عمن أرسله، وبما أرسله، وسأله عن شرائع الإسلام، فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كله، فرجع إلى قومه مسلمًا قد خلع الأنداد، وأخبرهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فما أمسى في ذلك اليوم في حاضره رجلٌ ولا امرأة إلا مسلمًا، وبنوا المساجد، وأذنوا بالصلوات.
وهذا منكر بهذا الإسناد، والمعروف عن شريك في هذا هو: ما رواه سعيد المقبري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك به، وتقدم.
وأما هذا الإسناد والمتن فهو ساقط، ابن أبي سبرة: في عداد من يضع الحديث، ومحمد بن عمر، هو: الواقدي: متروك.
وبهذا تسقط حجة من قال بأن ضمام بن ثعلبة قدم سنة خمس، وانظر: أضواء البيان (٤/ ٣٣٩)، الإصابة (٣/ ٤٨٧).
• وفي نهاية الكلام عن حديث ضمام يحسن ذكر شيء من فوائده:
١ - قال الإمام البخاري في صحيحه قبل حديث ضمام: "واحتج بعضهم في القراءة على العالم بحديث ضمام بن ثعلبة، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: آلله أمرك أن نصلي الصلوات؟ قال: "نعم". قال: فهذه قراءةٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخبر ضمامٌ قومه بذلك فأجازوه".
وقال الترمذي: "سمعت محمد بن إسماعيل، يقول: قال بعض أهل العلم: فقه هذا الحديث: أن القراءة على العالم والعرض عليه جائزٌ مثل السماع، واحتجَّ بأن الأعرابي عرض على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأقر به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -".
وقال الحاكم في المعرفة (٢٥٨): "احتج شيخ الصنعة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في كتاب العلم من الجامع الصحيح بهذا الحديث في باب العرض على المحدث".
وقال الخطيب في الكفاية: "وقال جمهور الفقهاء والكافة من أئمة العلم بالأثر: إن القراءة على المحدث بمنزلة السماع منه في الحكم".