بها، لا سيما وهذا ما فهمه أبو محذورة نفسه، أن الترجيع من الأذان، قال شيخ الإسلام (٢٢/ ٣٣٦): "والصواب أنه جعله من الأذان، وهذا هو الذي فهمه أبو محذورة، وقد عمل بذلك هو وولده، والمسلمون يقرونهم على ذلك بمكة وغيرها". انظر: المغني (١/ ٢٤٤)، المبدع (١/ ٣١٨).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٢/ ٦٥): "الصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم، وهو: تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يكرهون شيئًا من ذلك؛ إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك، وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته".
وقال في موضع آخر (٢٢/ ٧٠): "وإن الضلالة حق الضلالة أن يُنهَى عما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أيضًا (٢٢/ ٢٥٤): "فمن شفع الإقامة فقد أحسن، ومن أفردها فقد أحسن، ومن أوجب هذا دون هذا فهو مخطيء ضال، ومن والى من يفعل هذا دون هذا بمجرد ذلك فهو مخطيء ضال".
وقال (٢٢/ ٢٨٦): "فكل واحد من أذان بلال وأبي محذورة سنة، فسواء رجَّع المؤذن في الأذان، أو لم يرجِّع، وسواء أفرد الإقامة، أو ثناها: فقد أحسن واتبع السنة، ومن قال: إن الترجيع واجب لابد منه، أو إنه مكروه منهي عنه، فكلاهما مخطيء، وكذلك من قال: إن إفراد الإقامة مكروه، أو تثنيتها مكروه، فقد أخطأ، وأما اختيار أحدهما فهذا من مسائل الاجتهاد، كاختيار بعض القراءات على بعض، واختيار بعض التشهدات على بعض".
وقال (٢٢/ ٣٣٦): "إن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع متنوعة، وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل، فالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يفعل هذا تارة وهذا تارة أفضل من لزوم أحد الأمرين وهجر الآخر".
وقال في منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٩٥): "كل ما ثبت به النقل فهو صحيح سنة، ولا ريب أن تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة الأذان وفيه الترجيع والإقامة مثناة كالأذان، ولا ريب أن بلالًا أمر أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، ولم يكن في أذانه ترجيع، فنقل إفراد الإقامة صحيح بلا ريب، ونقل تثنيتها صحيح بلا ريب، وأهل العلم بالحديث يصححون هذا وهذا".