وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٣٩٦): "وهذا الحديث أحسن إسنادًا من حديث الإفريقي" وقال في موضع آخر (٢/ ٣١٠): "وإسناد حديث عبد الله بن زيد أثبت عند أهل العلم" يعني: من حديث أخي صداء الآتي.
وهذا من باب المقارنة والمفاضلة، لا التصحيح، إذ ضعفه ظاهر سندًا ومتنًا.
وأعله أيضًا الحاكم، كما في خلافيات البيهقي (١/ ٥٠٥ - مختصره).
وقال البيهقي:"وكان أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يضعف هذا الحديث بما سبق ذكره [يعني: من الاضطراب]، وبما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ... " ثم ساق حديث أبي عمير بن أنس قال: حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - . . . فذكر الحديث، وقال فيه: وكان عبد الله بن زيد مريضًا يومئذٍ، والأنصار تزعم أنه لو لم يكن مريضًا لجعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنًا، وتقدم برقم (٤٩٨).
والخلاصة: أن حديث عبد الله بن زيد هذا: حديث ضعيف؛ لأجل عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، وتقدم الكلام عليه، وقد صحت القصة بدون هذه الزيادة في الإقامة، إذ لا يُعرف من وجه يصح أن الذي أقام هو عبد الله بن زيد، فقد كان يومئذ مريضًا، والله أعلم.
• فإن قيل: له شاهد من حديث ابن عباس، يرويه الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: كان أول من أذن في الإسلام بلال، وأول من أقام عبد الله بن زيد، فلما أذن بلال أراد أن يقيم، فقال عبد الله بن زيد: أنا الذي رأيت الرؤيا، فاذن بلال ويقيم أيضًا؟! قال:"فأقِمْ أنت".
عزاه ابن دقيق العيد في الإمام [البدر المنير (٣/ ٤١٦)]، وابن حجر في التلخيص (١/ ٢١٠)، لأبي الشيخ في كتاب الأذان.
قال ابن حجر:"وإسناده منقطع بين الحكم ومقسم؛ لأن هذا من الأحاديث التي لم يسمعها منه"، وهو كما قال [انظر: العلل ومعرفة الرجال (١/ ٥٣٦/ ١٢٦٩)، الجرح والتعديل (١/ ١٣٠)، جامع الترمذي (٨٨٠)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨٥٠)، وغيرها].
***
٥١٤ - . . . عبد الرحمن بن زياد -يعني: الأفريقي-، أنه سمع زياد بن نُعَيم الحضرمي، أنه سمع زياد بن الحارث الصُّدائي، قال: لما كان أولُ أذان الصبح أمرني -يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذَّنتُ، فجعلتُ أقول: أقيم يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول:"لا"، حتى إذا طلع الفجر نزل، فبَرَز، ثم انصرف إليَّ وقد تلاحق أصحابه -يعني: فتوضأ-، فأراد بلال أن