قال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٣٨٣) بعد أن نقل كلام ابن حبان هذا: "وأخرجه أيضًا شيخه ابن خزيمة في صحيحه، ... ، وذكره ابن السكن في صحاحه أيضًا؛ فصح الحديث إذًا -ولله الحمد- وزالت الجهالة عنه".
وقال ابن عبد البر في الاستغناء (٢/ ٩٩٧ - ٩٩٨/ ١٢٢٤): "قال علي [يعني: ابن المديني]: وأبو يحيي الأسلمي، اسمه: سمعان، وهو جد إبراهيم بن محمد بن أبي يحيي: سمع من أبي هريرة، روى عنه بعض المدنيين في الأذان".
قلت: في نسبة هذا الكلام لابن المديني نظر؛ فإن سمعان إنما يعرف برواية ابنيه: محمد وأنيس، بهذا ترجم له البخاري ومسلم وابن أبي حاتم وابن حبان، زاد الأخير موسى بن أبي عثمان فيمن يروي عنه؛ بناءً على كلامه المتقدم [انظر: التاريخ الكبير (٤/ ٢٠٤)، الكنى لمسلم (٣٦٧٨)، الجرح والتعديل (٤/ ٣١٦)، الثقات (٤/ ٣٤٥)، الأنساب (٣/ ٣٠٢)، وغيرها].
وقال ابن القطان الفاسي متعقبًا عبد الحق الإشبيلي في بيان الوهم (٤/ ١٤٧ ١٥٩٠): "وسكت عنه، وأراه تسامح فيه كذلك، والحديث من رواية موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، وأبو يحيى هذا: لا يعرف، وقد ذكره ابن الجارود، فلم يزد على ما أخذ من هذا الإسناد، من روايته عن أبي هريرة، ورواية موسى بن أبي عثمان عنه، وهناك جماعة تروي عن أبي هريرة كل واحد منهم يقال له: أبو يحيى، منهم: مولى جعدة، وهو: ثقة، وآخر اسمه: قيس، روى عنه بكير بن الأشج، ذكره مسلم، وآخر لا يسمى، روى عنه صفوان بن سليم، يعد في أهل المدينة، ذكره ابن أبي حاتم، قال أبو أحمد الحاكم في كتابه في الكنى: خليق أن يكون هذا قيسًا الذي روى عنه بكير بن الأشج، فاعلم ذلك".
وقال في موضع آخر عن الحديث (٥/ ٦٨٣): "لا يصح".
وقال النووي في المجموع (٣/ ١١٩): "وفي إسناده رجل مجهول".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار:"هذا حديث حسن، ... ، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أبا يحيى، فلم يسم في الرواية، ولم ينسب، وقد قيل: إنه الأسلمي، فإن يكن كذلك فهو: ثقة، واسمه سمعان، وهو جد إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدني شيخ الشافعي".
قلت: أما أبو يحيى، فقد جاء في رواية يحيى بن سعيد القطان أنه مولى جعدة، وبهذا قطعت جهيزة قول كل خطيب، وعلى هذا: فإن أبا يحيى مولى جعدة بن هبيرة هذا: هو الذي روى له مسلم متابعة (٢٠٦٤) حديث: "ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قطُّ"، لكنه مما رواه مسلم في صحيحه معللًا إياه، لا مصححًا، قال القاضي عياض:"وهو مما ذكره الدارقطني وعلَّله، ومن جملة الأحاديث المعلَّلة في كتاب مسلم التي أبان مسلم علتها كما وعد، وذكر الوجهين فيها والآراء والاختلاف" [انظر: صحيح البخاري (٣٥٦٣ و ٥٤٠٩)،