للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: أصل الحديث صحيح، منفق عليه، لكن الزيادة: شاذة.

وقال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراج حديث مالك بن مغول، وعمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، في ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - الأبطح؛ غير أنهما لم يذكرا فيه إدخال الإصبع في الأذنين والاستدارة في الأذان، وهو صحيح على شرطهما جميعًا، وهما سنتان مسنونتان".

• تنبيه: صنيع الحاكم يشعر بأن رواية الحسين بن حفص عن الثوري، ورواية ابن عيينة عن الثوري ومالك بن مغول، كلاهما قد اشتملتا على هاتين الزيادتين، وهذا إيهام منه بذلك، ورواية الحسين بن حفص قد رواها البيهقي (١/ ٣٩٥) عن الحاكم وغيره وذكر لفظها، وليس فيها شيء من ذلك، بل روايته كالجماعة، وكذلك رواية ابن عيينة أخرجها أبو عوانة (١/ ٣٨٨/ ١٤٠٩) من نفس الوجه، ولفظها كالجماعة بدون هاتين الزيادتين، بل إن ذكر الثوري في إسناد ابن عيينة: منكر، ويأتي بيانه في رواية مالك بن مغول.

وعلى هذا: فإن هذه الزيادة عن الثوري لم يأت بها سوى عبد الرزاق ومؤمل، وقد وهما فيها قطعًا؛ لأمور:

منها: أن أثبت الناس في الثوري - مثل ابن مهدي ووكيع وغيرهما - قد رووه عن الثوري بدون هذه الزيادة.

ومنها: أن البيهقي قد بيَّن كيفية وقوع الوهم فيه لعبد الرزاق، فقال في السنن (١/ ٣٩٦): "قد رواه إجازةً: عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عون بن أبي جحيفة، مدرجًا في الحديث.

وسفيان إنما روى هذه اللفظة في الجامع، رواية العدني عنه عن رجل لم يسمه عن عون".

وقال في الخلافيات (١/ ٤٧٩ - مختصره): "الاستدارة في الأذان: ليست في حديث أبي جحيفة من الطريق المخرجة في الصحيح، والثوري إنما روى الاستدارة في هذا الحديث عن رجل عن عون، سمعه من الحجاج بن أرطاة عن عون، والحجاج لم يحتج به، وعبد الرزاق وهم في إدراجه في الحديث".

يعني البيهقي بذلك: أن هذه الزيادة وقعت للثوري في جامعه، لكنه لم يسمعها من عون، وإنما يسمعها من رجل عن عون، فجاء عبد الرزاق فأدرج الرواية المنقطعة في المتصلة، فدخل له حديث في حديث، والله أعلم.

قال ابن حجر في الفتح (٢/ ١١٥): "فهو مدرج في رواية سفيان عن عون".

وروى البيهقي في الخلافيات دليله على ذلك، من رواية: عبد الله بن الوليد [هو: ابن ميمون، المكي العدني: صدوق، روى عن الثوري جامعه]، عن سفيان: حدثني عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في هبة حمراء بالأبطح، فخرج إلينا بلال، فجعلت أتبع فاه ههنا وههنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>