للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا يدخل إصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي.

وقال صالح بن الإمام أحمد في مسائله (٤٣): "وسألته: يستدير المؤذن في الأذان؟ قال: يلتفت يمينًا وشمالًا، ولا يزيل قدميه".

وقال إسحاق الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٧٠ و ١٧١): "قلت: المؤذن يجعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: إي، والله!

قال إسحاق: نعم، وفي إقامته أيضًا، كذلك قال الأوزاعي.

قلت لأحمد: هل يدور المؤذن في الأذان أو يتكلم؟ قال: لا إلا أن يكون في مَنارةٍ يريد أن يُسمعَ الناسَ، قال: والكلام ليس به بأس.

قال إسحاق: كما قال، ولكن يكون كلامه ذكرًا لله عَزَّ وَجَلَّ، أو حاجةً من سبب الصلاة".

قال ابن رجب في الفتح (٣/ ٥٥٩): "وأكثر العلماء على أن ذلك مستحب، ثم نقل كلام الترمذي والكوسج، ثم قال: "ومذهب مالك: إن شاء جعل إصبعيه في أذانه وإقامته، وإن شاء ترك. ذكره في التهذيب، وظاهر هذا يقتضي أنَّه ليس بسنة. وقد سهل أحمد في تركه، ... ، واستحب الشافعية إدخال الإصبعين في الأذنين في الأذان دون الإقامة".

قلت: والذي في المدونة: "وقال مالك في وضع المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان، قال: ذلك واسع، إن شاء فعل، وإن شاء ترك"، وكان مالك ينكر الالتفات، إلا أن يريد أن يُسمع، وقال ابن القاسم: ورأيت المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم [المدونة (١/ ٥٨ و ٥٩)].

وذهب الأحناف إلى استحباب وضع الإصبعين في الأذنين في الأذان والإقامة، وإن لم يفعل أجزأه لحصول الإعلام بدونه [بدائع الصنائع (١/ ١٥١)، فتح القدير (١/ ٢٤٥)، العناية شرح الهداية (١/ ٢٤٥)].

مسألة: قال العمراني في الرد على من قال باشتراط القيام مع القدرة، واستقبال القبلة: "الأذان ليس بأعلى حالًا من صلاة النفل، وصلاة النفل تصح مع ترك القيام فيها مع القدرة عليه. ولأن المقصود بالأذان: الإعلام بدخول الوقت، وذلك يحصل وإن كان قاعدًا، أو إلى غير القبلة" [البيان (٢/ ٧٣)].

قلت: وقد تقدم الكلام على مشروعية القيام حال الأذان؛ لأنَّه أحرى أن يسمعه من يبعد عن المؤذن، استدلالًا بحديث ابن عمر مرفوعًا: "يا بلال! قم فنادِ بالصلاة" [متفق عليه: البخاري (٦٠٤)، ومسلم (٣٧٧)]، وذلك تحت الحديث المتقدم برقم (٤٩٨)، وأما ما روي في اشتراط ذلك من حديث وائل بن حجر؛ فلا يثبت:

فقد روى صدقة بن عبيد الله المازني [ليس به بأس. الجرح والتعديل (٤/ ٤٣٢)،

<<  <  ج: ص:  >  >>