للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: لا يرزق الإمامُ المؤذنَ إلا من خمس الخمس سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه مُرصَد لمصالح الدين، ولا يرزقه من غيره".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ٦٣): "لا يجوز للمؤذن أخذ الأجر على أذانه لحديث عثمان، فإن أخذ مؤذن على أذانه أجرًا لم يسعه ذلك لأنَّ السنة منعت منه، فإن صلوا بأذان كان أخذ على أذانه أجرًا فصلاتهم مجزية؛ لأنَّ الصلاة غير الأذان، وليست الإمامة كذلك، أخشى أن لا تجزئ صلاة من أمَّ بجعل؛ كما روي عن الحسن أنَّه قال: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله".

وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٢٤٩): ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان في ظاهر المذهب، وكرهه القاسم بن عبد الرحمن والأوزاعي وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن أبي العاص: "واتخذ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانه أجرًا" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن، ولأنه قربة لفاعله، لا يصح إلا من مسلم؛ فلم يستأجره عليه، كالإمامة.

وحكي عن أحمد رواية أخرى: أنَّه يجوز أخذ الأجرة عليه، ورخص فيه مالك، وبعض الشافعية؛ لأنَّه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه، فجاز أخذ الأجرة عليه، كسائر الأعمال، ولا نعلم فيه خلافًا في جواز أخذ الرزق عليه، وهذا قول: الأوزاعي والشافعي، لأنَّ بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به، وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل، ويرزقه الإمام من الفيء، لأنَّه المعد للمصالح، فهو كأرزاق القضاة والغزاة، وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره لعدم الحاجة إليه".

وقال ابن حزم في المحلى (٣/ ١٤٥): "لا تجوز الأجرة على الأذان، فإن فعل ولم يؤذن إلا للأجرة؛ لم يَجُز أذانه، ولا أجزأت الصلاة به، وجائزٌ أن يُعْطَى على سبيل البر، وأن يرزقه الإمام".

وانظر: مشكل الآثار (١/ ٤٦٦ - ترتيبه)، عارضة الأحوذي (٢/ ١٣)، البيان (٢/ ٨٩)، المجموع (٣/ ١٣٥)، نيل الأوطار (٢/ ٤٤).

• قلت: احتج من قال بجواز أخذ الأجرة على الأذان: بحديث أبي محذورة المتقدم برقم (٥٠٣)، والشاهد منه قوله: "ثم دعاني حين قضيتُ التأذينَ، فأعطاني صُرةً فيها شيء من فضة"، قال الجوزقاني في الأباطيل (٢/ ١٧٠): "ولو كان ذلك حرامًا لم يعطه".

قال الشوكاني في نيل الأوطار (٢/ ٤٥) في الجمع بين حديث الباب، وحديث أبي محذورة: "قال اليَعْمُرِي: ولا دليل فيه لوجهين:

الأول: أن قصة أبي محذورة أول ما أسلم؛ لأنَّه أعطاه حين علَّمه الأذان، وذلك قبل إسلام عثمان بن أبي العاص، فحديث عثمان متأخر.

الثاني: أنها واقعة يتطرَّق إليها الاحتمال، وأقرب الاحتمالات فيها: أن يكون من

<<  <  ج: ص:  >  >>