للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وعلى هذا: فلا يؤذن للصلاة قبل دخول وقتها إلا الفجر، وإذا لم يكن إلا مؤذن واحد؛ فأخطأ وأذن قبل الفجر، فلا يؤمر بأن يرجع فيقول للناس: ألا إن العبد نام، وإذا لم يُعِد الأذان فلا حرج، والله أعلم.

قال الشافعي: "فالسنة أن يؤذن للصبح بليل؛ ليُدلج المُدلِج، ويتنبه النائم، فيتأهب لحضور الصلاة، وأحب إليَّ لو أذن مؤذن بعد الفجر، ولو لم يفعل لم أر بأسًا أن يترك ذلك؛ لأنَّ وقت أذانها كان قبل الفجر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يؤذن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها؛ لأني لم أعلم أحدًا حكى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه أذن له لصلاة قبل وقتها غير الفجر، ولم يزل المؤذنون عندنا يؤذنون لكل صلاة بعد دخول وقتها إلا الفجر" [الأم (٢/ ١٨٢)].

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٢٠٣): "قرأت على أبي قلت: من أذن قبل طلوع الفجر يجزئه؟ قال: نعم. قلت: فإن أذن قبل الزوال؟ قال: لا يؤذن. قال أبي: لا يجزئ قبل الوقت إلا الفجر؛ كان بلال يؤذن بليل. سمعت أبي يقول: حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن بلالًا يؤذن بليل"".

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٦٩): "قلت: الأذان بالليل؟ قال: في الفجر ليس به بأس. قال إسحاق: السنة في الفجر كذلك، وسائر الصلوات: يعيد إذا أذن قبل الوقت".

وقال أيضًا (٤٨١): "قال إسحاق: وأما أذان الفجر: فقد كان يؤذَّن بليل، فمن أذن بليل فهو متبع للسنة، وذلك: أن بلالًا كان يؤذن بليل، فإن احتج محتج أن معه ابن أم مكتوم، وكان يؤذن بعد الصبح؟ قيل له: أترى لأحد يؤذن بليل إن كان المؤذنون كثيرًا؟ فإن قال: لا، فقد انتقض عليه كلامه".

وقال الترمذي في الجامع بعد الحديث رقم (٢٠٣): "وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل:

فقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه، ولا يعيد، وهو قول: مالك، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال بعض أهل العلم: إذا أذن بليل أعاد، وبه يقول: سفيان الثوري".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٥٩): "وقال أبو حنيفة، والثوري، ومحمد بن الحسن: لا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتَّى يطلع الفجر، ومن أذن لها قبل الفجر لزمه إعادة الأذان".

وقال في الاستذكار (١/ ٤٠٥): "وفي هذا الحديث: جواز الأذان لصلاة الصبح ليلًا، وفي إجماع المسلمين على أن النافلة لا أذان لها: ما دل على أن أذان بلال بالليل إنما كان لصلاة الصبح، والله أعلم. وهذا قول علماء أهل الحجاز والشام وممن أجاز الأذان لصلاة الصبح ليلًا: مالك، والشافعي، وأصحابكما، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل،

<<  <  ج: ص:  >  >>