وقال الترمذي في الجامع (٢١٧): "وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا: من سمع النداء فلم يُجِبْ فلا صلاة له.
وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، ولا رخصةَ لأحدٍ في ترك الجماعة؛ إلا من عذر".
قال الشافعي في الأم (٢/ ٢٩٢): "فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر، وإن تخلف أحد فصلاها منفردًا لم يكن عليه إعادتها؛ صلاها قبل صلاة الإمام أو بعدها؛ إلا صلاة الجمعة؛ فإن على من صلاها ظهرًا قبل صلاة الإمام إعادتها؛ لأن إتيانها فرض عين، والله تعالى أعلم".
وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٣٧٨): "سألت أبي عن الصلاة في جماعة: حضورها واجب؟ فعظَّم أمرها جدًّا، وقال: كان ابن مسعود يشدِّد في ذلك، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك تشديدًا كثيرًا: "لقد هممت أن آمر بحزم الحطب، فأحرق على قوم لا يشهدون الصلاة"".
وقال في مسائل ابنه صالح (٤٥٧): "الصلاة جماعة: أخشى أن تكون فريضة، ولو ذهب الناس يجلسون عنها لتعطلت المساجد، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له".
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (٤/ ٢٤٤) في الإنكار على من عارض حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأي أو قياس أو استحسان أو غير ذلك: "أو يُسأل: هل للرجل رخصة في ترك الجماعة من غير عذر؟ فيقول: نعم؛ له رخصة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا أجد لك رخصة".
وقال ابن رجب في الفتح (٤/ ١١): "وممن ذهب إلى أن الجماعة للصلاة مع عدم العذر واجبة: الأوزاعي، والثوري، والفضيل بن عياض، وإسحاق، وداود، وعامة فقهاء الحديث، منهم: ابن خزيمة وابن المنذر.
وأكثرهم على أنه لو ترك الجماعة لغير عذرٍ وصلى منفردًا أنه لا يجب عليه الإعادة، ونص عليه الإمام أحمد.
وحكي عن داود: أنه يجب عليه الإعادة، ووافقه طائفة من أصحابنا، منهم: أبو الحسن التميمي، وابن عقيل وغيرهما.
وقال حرب الكرماني: سئل إسحاق عن قوله: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد؟ فقال: الصحيح أنه لا فضل ولا أجر ولا أمن عليه. يعني: أنه لا صلاة له".
وانظر: كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٢٢ - ٢٥٤) في بيان هذه المسألة، والله أعلم.
***