للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: قول الإمام أحمد هو الصواب، وبحمل المطلق على المقيد يزول الإشكال، والله أعلم.

قال ابن رجب في الفتح (٤/ ٣٤): "وقد احتج كثير من الفقهاء بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث التي فيها ذكر تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وقالوا: هي تدل على أن صلاة الفذ صحيحة مثاب عليها. قالوا: وليس المراد بذلك صلاة الفذ إذا كان له عذر في ترك الجماعة؛ لأن المعذور يكتب له ثواب عمله كله، فعلم أن المراد به غير المعذور.

وهذا استدلال لا يصح، وإنما استطالوا به على داود وأصحابه القائلين بأن صلاة الفذ لغير عذر باطلة، فأما من قال: إنها صحيحة، وأنه آثم بترك حضور الجماعة، فإنه لا يبطل قوله بهذا، بل هو قائل بالأحاديث كلها، جامع بينها، غير راد لشيء منها".

وانظر في هذا: شرح رياض الصالحين للعلامة محمد بن صالح العثيمين (٥/ ٧٠).

• وبالنسبة للتضعيف المذكور فلا تعارض ولا تضاد بين حديث ابن عمر الذي جاء فيه التضعيف بسبع وعشرين، وبين بقية الأحاديث والتي جاء فيها: بخمس وعشرين، وفي بعض الروايات: بضع وعشرون، ففي حديث ابن عمر زيادة فضل وبر وإحسان من الله الرحيم الكريم لعباده المؤمنين العاملين المحسنين، قال ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ١٣٨): "والله يتفضل بما يشاء، ويضاعف لمن يشاء"، وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: "فزادهم الله درجتين فضلًا منه وإحسانًا"، واختلف الناس في الجمع بينها، وذكروا في ذلك أوجهًا أوصلها بعضهم إلى خمسة عشر وجهًا، واستظهر ابن رجب أن التفاوت في الثواب بحسب التفاوت بما يقترن بصلاة الجماعة من العمل الصالح، مثل: الخشوع في الصلاة، وإقامتها على فرضها وسنتها، والمشي إلى المسجد وبعده، وكون المشي على طهارة، وكثرة الجماعة فيه، وكونه عتيقًا، والتبكير إلى المساجد، والمسابقة إلى الصف الأول عن يمين الإمام أو وراءه، وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، والتأمين معه، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وغير ذلك [انظر في الجمع بينها: ناسخ الحديث ومنسوخه لأبي بكر الأثرم (٤٦)، صحيح ابن خزيمة (٢/ ٣٦٣)، صحيح ابن حبان (٥/ ٤٠٠)، الأوسط (٤/ ١٣١)، مشكل الآثار (٣/ ١٣٤)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٢/ ٢٧٤)، المجموع شرح المهذب (٤/ ١٦١)، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (١/ ١٨٨)، الفتح لابن رجب (٤/ ٣١)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٣٥٠)، البدر المنير (٤/ ٣٨١)، طرح التثريب (٢/ ٢٦٣)، الفتح لابن حجر (٢/ ١٣٢)، الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (١/ ٢٠٨)].

***

٥٦٠ - . . . أبو معاوية، عن هلال بن ميمون، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاةُ في جماعةٍ تعدل خمسًا وعشرين

<<  <  ج: ص:  >  >>