للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للنجاسات ... ، وما كان طاهرًا مطهرًا استحال أن تلحقه النجاسة؛ لأنه لو لحقته النجاسة لم يكن مطهرًا أبدًا، لأنه لا يطهرها إلا بممازجته إياها، واختلاطه بها، فلو أفسدته النجاسة من غير أن تغلب عليه ... ، لم تحصل لأحد طهارة، ولا استنجى أبدًا".

٣ - حديث الأعرابي: وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصب على بول الأعرابي دلو من ماء أو ذنوب من ماء [متفق عليه من حديث أنس. البخاري (٢٢١ و ٢١٩ و ٦٠٢٥)] مسلم (٢٨٤ و ٢٨٥)، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (٢٢٠ و ٦١٢٨)،: قال ابن عبد البر (٢٤/ ١٦): "وهذا الحديث أصح حديث يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الماء، وهو ينفي التحديد في مقدار الماء الذي تلحقه النجاسة، ويقضي أن الماء طاهر مطهر لكل ما غلب عليه، وأن كل ما مازجه من النجاسات وخالطه من الأقذار لا يفسده؛ إلا أن يظهر ذلك فيه أو يغلب عليه، فإن كان الماء غالبًا مستهلكًا النجاسات، فهو مطهر لها، وهي غير مؤثرة فيه، وسواء في ذلك قليل الماء وكثيره، هذا ما يوجبه هذا الحديث، ... ، وهو أصح مذهب في الماء من جهة الأثر، ومن جهة النظر ... ، وهذا الحديث ينقض على أصحاب الشافعي ما أصلوه في الفرق بين ورود النجاسة على الماء، وبين وروده عليها، ... ، وقد علمنا أن الذنوب الذي صبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بول الأعرابي لم يعتبر فيه قلتين، ولو كان في الماء مقدار يُراعى: لاعتبر ذلك في الصب على بول الأعرابي، ومعلوم أن ذلك الذنوب ليس بمقدار القلتين الذي جعله الشافعي حدًا، والله أعلم".

٤ - حديث ابن عباس: أن امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة، فاغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوضأ من فضلها وقال: "الماء طهور، لا ينجسه شيء"، سيأتي تخريجه برقم (٦٨).

٥ - حديث أبي سعيد في بئر بضاعة: أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتوضأ من بئر بضاعة؟ وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء"، سيأتي تخريجه برقم (٦٦ و ٦٧).

قال ابن المنذر: "فهذا جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الماء جواب عام يقع على كل ماء؛ وإن قل".

وقال شيخ الإسلام (٢١/ ٣٣): "وهذا اللفظ عام في القليل والكثير، وهو عام في جميع النجاسات، وأما إذا تغير بالنجاسة، فإنما حرم استعماله لأن جرم النجاسة باقٍ، ففي استعماله استعمالها، بخلاف ما إذا استحالت النجاسة فإن الماء طهور، وليس هناك نجاسة قائمة".

وقال ابن القيم: "فهذا نص صحيح صريح على أن الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة، مع كونه واقفًا؛ فإن بئر بضاعة كانت واقفة، ولم يكن على عهده بالمدينة ماء جار أصلًا ... فوضوؤه من بئر بضاعة، وحالها ما ذكروه له، دليل على أن الماء لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه، ما لم يتغير".

٦ - قال ابن المنذر: "ومنها: أنهم مجمعون على أن الماء القليل طاهر قبل أن يحل

<<  <  ج: ص:  >  >>