للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن علم من امرأته حسن المقصد في خروجها إلى الصلاة فلا يمنعها، ولحسن المقصد علامات: منها ترك الزينة والطيب، والمبالغة في الاستتار.

ومن لم يجد ذلك منهن جاز له المنع، فقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: لو علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد ... ".

وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ١٨): "فصل: ويباح لهن حضور الجماعة مع الرجال: لأن النساء كن يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ... ، وصلاتها في بيتها خير لها وأفضل".

وقال في موضع آخر (٢/ ١١٦) في معرض الكلام عن خروجهن لصلاة العيد: "وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك بأن تلك يكره لها الخروج، وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات، ولا يلبسن ثوب شهرة، ولا زينة، ولا يخرجن في ثياب البذلة، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وليخرجن تفلات"، ولا يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم".

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (١/ ١٩٧): "والحديث عام في النساء، ولكن الفقهاء قد خصصوه بشروط وحالات، منها: أن لا يتطيبن، وهذا الشرط مذكور في الحديث، ففي بعض الروايات: "وليخرجن تفلات"، وفي بعضها: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا"، وفي بعضها: "إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة"، فيلحق بالطيب ما في معناه؛ فإن الطيب إنما منع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا، فما أوجب هذا المعنى التحق به، وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"، ويلحق به أيضًا: حسن الملابس، ولبس الحلي الذي يظهر أثره في الزينة، وحمل بعضهم قول عائشة - رضي الله عنها - في الصحيح: لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل، على هذا، تعني: إحداث حسن الملابس والطيب والزينة".

وقال ابن رجب في الفتح (٥/ ٣١٠): "ثم اختلفوا: هل يرخَّص لهن في الليل والنهار، أم في الليل خاصة؟ على قولين:

أحدهما: يرخَّص لهن في كل الصلوات، وهو المحكي عن مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد، وقول أصحابنا.

واستدلوا بعموم الأحاديث المطلقة، وبخروجهن في العيدين، فأما المقيدة بالليل، فقالوا: هو تنبيهٌ على النهار من طريق الفحوى؛ لأن تمكُّن الفساق من الخلوة بالنساء والتعرض لهن بالليل أظهر، فإذا جاز لهن الخروج بالليل ففي النهار أولى.

وقالت طائفة: إنما يرخَّص لهن في الليل، وتبويب البخاري يدل عليه، وروي مثله عن أبي حنيفة، لكنه خصه بالعجائز، وكذا قال سفيان: يرخَّص لهن في العشاء والفجر،

<<  <  ج: ص:  >  >>