أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٢٩٣/ ٣٤٢٥ و ٣٤٢٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ١١٣/ ٧١٠٨ و ٧١١٨).
وروي أيضًا عن الحسن خلافه، انظر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ١١٢/ ٧١٠٠ و ٧١٠١).
• وقد جاء عن الحسن البصري ما يبرر عدم إعادة الجماعة في المسجد الواحد من قبل بعض التابعين، والذي ظنه البعض بعد ذلك سنة متبعة لكثرة وقوعه في زمانهم:
قال ابن أبي شيبة (٢/ ١١٢/ ٧١٠٢): حدثنا هشيم، قال: أخبرنا منصور، عن الحسن، قال: إنما كانوا يكرهون أن يجمعوا مخافة السلطان.
وإسناده إلى الحسن غاية في الصحة.
• وهكدا يظهر بجلاء أن الذين قالوا بالمنع من تكرار الجماعة في المسجد الواحد الذي له إمام راتب لا حجة لهم في ذلك، كما قال ابن المنذر.
• ومن فقه حديث الباب:
في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: جواز أو استحباب إعادة الجماعة في المسجد الواحد، وإن كان له إمام راتب:
وهو فعل أنس، وابن مسعود، وبه قال: عطاء، والحسن البصري، والنخعي، وقتادة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق.
واحتجوا بفعل أنس، وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجميع تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، وبحديث أبي سعيد في الباب.
الثاني: لا تعاد الجماعة في مسجد له إمام راتب في غير ممر الناس:
وبه قال: سالم، وأبو قلابة، وأيوب، وابن عون، والليث، والبتي، والثوري، وابن المبارك، والحسن بن حي، وروي أيضًا: عن الحسن البصري، والنخعي، وهو قول: مالك، وأبي حنيفة، والأوزاعى، والشافعي.
قالوا: فمن فاتته الجماعة صلى منفردًا؛ لئلا يفضي إلى اختلاف القلوب، والعداوة، والتهاون في الصلاة مع الإمام، ولأنه مسجد له إمام راتب فكره فيه إعادة الجماعة كمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثالث: كراهة إعادة الجماعة في المسجد الحرام، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمسجد الأقصى. وبه قال أحمد، وعلله أصحابه بقولهم: لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها إذا أمكنتهم الصلاة في الجماعة مع غيره.
قال ابن قدامة في المغني (٢/ ٥): "وظاهر خبر أبي سعيد وأبي أمامة أن ذلك لا يكره؛ لأن الظاهر أن هذا كان في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى يقتضيه أيضًا فإن فضيلة الجماعة تحصل فيها كحصولها في غيرها".