ووقع عندهم: جئت والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة: إما الظهر، وإما العصر، وكنت صليتهما في المنزل، فلما وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة جلست، ولم أدخل معهم.
قال البيهقي:"وهذا يوافق حديث ابن الأسود في إعادة الصلاة، ويخالفه في المكتوبة منهما، وحديث يزيد بن الأسود: أشهر، ومعه حديث أبي ذر من الوجه الذي بينا".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (٢/ ٣١): "ونوح بن صعصعة: لا أعلم روى عنه غير سعيد بن السائب، والمشهور ما تقدم"، يعني: حديث ابن الأسود.
وقال في الأحكام الوسطى (١/ ٢٨٣): "وحديث الترمذي هو الصحيح"، يعني: حديث ابن الأسود.
فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (٣/ ١٠٨٩/٣٤٤)، فقال:"ولم يبين علته، وهي الجهل بحال نوح هذا، ولا يعرف روى عنه غير سعيد بن السائب".
وذكره النووي في فصل الضعيف من الخلاصة (٢/ ٦٦٧/ ٢٣١٢)، وقال:"قال البيهقي: "ما مضى أشهر وأكثر فهو أولى"، وهذا الحديث رواه أبو داود بإسناد ضعيف".
قلت: هو حديث ضعيف؛ نوح بن صعصعة: لم يرو عنه سوى سعيد بن السائب الطائفي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"شيخ يروي المراسيل"، وقال الدارقطني:"حاله مجهولة"، هكذا في التهذيب، ولعله سبق قلم، وإنما أراد: ابن القطان الفاسي، فهو الذي وصفه بجهالة الحال كما تقدم، ولم أقف على كلام للدارقطني في هذا الراوي، ومن المعلوم أن ابن حجر العسقلاني قد استفاد كثيرًا من زياداته على تهذيب المزي من إكمال مغلطاي، والذي في الإكمال نسبة هذا القول لابن القطان لا للدارقطني، والله أعلم [التهذيب (٤/ ٢٤٦)، إكمال مغلطاي (١٢/ ٩٤)، الثقات (٥/ ٤٨٢)].
ولم أقف لنوح بن صعصعة هذا على غير هذه الرواية، فإذا نظرنا إلى قول ابن حبان فيه:"شيخ يروي المراسيل"، فيمكن حمله على هذه الرواية بعينها، فإن كان هذا هو مراد ابن حبان، فتكون روايته هذه عنده مرسلة، لا سيما ولم يذكر سماعًا من يزيد بن عامر السوائي، ولم يذكر له البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ١٠٩) سماعًا منه، وعلى هذا فيكون ضعف هذا الحديث من وجوه:
الأول: جهالة نوح بن صعصعة، والثاني: الإرسال، إذ لا يُعلم شيء عن حال نوح هذا يجعلنا نقف على إدراكه ليزيد، أو عدم إدراكه، ولم يصرح هو بسماعه لهذا الحديث منه، والثالث: نكارة هذه الزيادة التي في آخره، والمخالفة لحديث يزيد بن الأسود الصحيح، والله أعلم.
***
٥٧٨ - قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، عن بُكير: أنه سمع عفيف بن عَمْرو بن المسيَّب، يقول: