عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غُيِّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماءً متغير اللون.
رواه من طريق أبي داود: البيهقي في السنن (١/ ٢٦٥)، وفي الخلافيات (٣/ ٢٠٥/ ٩٧٦).
قال الرافعي في الشرح الكبير (١/ ١٩): "وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء" [وانظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (١٦٧)، المنتظم (١٧/ ٢٥)، المغني (١/ ٢٦)].
قال ابن الملقن في البدر المنير (١/ ٣٩٠): "وهذا غريب جدًّا، لم أَرَه بعد البحث، وسؤال بعض الحفاظ عنه، وهذا الوصف لا أعلمه يلقى إلا في صفة البئر التي سُحِر فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي: بئر ذروان".
وقال ابن حجر:"هذا الوصف لهذه البئر لم أجد له أصلًا، ... ، وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة" [التلخيص (١/ ١٥)].
قلت: ورد هذا الوصف لماء بئر ذروان، قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين": أخرجه البخاري (٣٢٦٨ و ٥٧٦٣ و ٥٧٦٥ و ٥٧٦٦ و ٦٠٦٣ و ٦٣٩١)، ومسلم (٢١٨٩).
• تنبيه:
قال ابن حجر في الفتح (١١/ ٣٤): "وقال الإسماعيلي: في هذا الحديث بيان أن بئر بضاعة بئر بستان، فيدل على أن قول أبي سعيد في حديثه -يعني: الذي أخرجه أصحاب السنن-: "أنها كانت تُطرح فيها خرق الحيضر وغيرها": أنها كانت تُطرح في البستان؛ فيُجريها المطر ونحوه إلى البئر".
وقال الخطابي في معالم السنن (١/ ٣٢): "قد يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا، وهذا ما لا يجوز أن يظن بذمي بل بوثني فضلًا عن مسلم، ولم يزل من عادة الناس قديمًا وحديثًا مسلمهم وكافرهم تنزيه المياه وصونها عن النجاسات، فكيف يظن بأهل ذلك الزمان، وهم أعلى طبقات أهل الدين وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمسُّ أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن تغوط في موارد الماء ومشارعه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحًا للأقذار، هذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حدور من الأرض، وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء، ولا يغيره، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة، ... ".