وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما خالف"، وقال البرذعي لأبي زرعة الرازي:"قلت: عبيدة بن الأسود؟ قال: ثقة، قلت: يروي تلك الأحاديث، وذكرت حديث مجاهد عن ابن عمر وغيره، فقال: هذا عيسى فمن دونه؟ قلت: يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، قال: لا يبعُد" [سؤالات البرذعي (٣٨٢)، التهذيب (٤/ ٣٧٤)]، وعلى هذا فإن أبا حاتم وأبا زرعة لم يكونا يريان بأسًا بأحاديثه عن عبيدة بن الأسود، وأنه لم يكن فيها مناكير، فقط عدَّ أبو حاتم أفراده عن عبيدة من الغرائب مما يحتمل تفرده بها عن شيخه، ولم ير فيها ما يستنكر، والله أعلم.
ولم يخالف أحدٌ -فيما رأيت- رواة هذا الحديث فيما رووه من هذا الحديث، بحيث يُحكم عليه بالشذوذ أو النكارة، فسلم من هذه العلة، والله أعلم.
٢ - عن أبي أمامة:
يرويه علي بن حسن بن شقيق: حدثنا الحسين بن واقد: حدثنا أبو غالب، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم [وفي رواية: رؤوسهم حتى يرجعوا]: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجُها عليها ساخط، وإمامُ قومٍ وهم له كارهون".
أخرجه الترمذي (٣٦٠)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٥٨/ ٤١١٣) و (٣/ ٥٥٨/ ١٧١٣٨)، والطبراني في الكبير (٨/ ٢٨٤ و ٢٨٦/ ٨٠٩٠ و ٨٠٩٨)، والبيهقي في المعرفة (٢/ ٤٠٨/ ١٥٥٩)، والبغوي في شرح السنة (٣/ ٤٠٤/ ٨٣٨).
قال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأبو غالب اسمه: حَزَوَّر".
وقال البيهقي في السنن (٣/ ١٢٨): "ليس بالقوي".
وقال النووي في الخلاصة (٢٤٥٩): "وضعفه البيهقي، والأرجح هنا قول الترمذي"، يعني: التحسين.
قلت: أبو غالب، حزوَّر صاحب أبي أمامة، بصري، نزل أصبهان: ليس بالقوي، قال فيه ابن حبان:"منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما يوافق الثقات، وهو صاحب حديث الخوارج"، وهذا جرح مفسر يقدم على تعديل وتوثيق الدارقطني له، ومع هذا فقد اختلف قول الدارقطني فيه، فقال مرة أخرى:"بصري يعتبر به"، وهذا يقوله فيمن يكتب حديثه، ولا يحتج به، واختلف فيه أيضًا قول ابن معين، فقال في رواية الدارمي:"ثقة"، وقال له ابن الجنيد: ثقة؟ فقال ابن معين:"ليس به بأس"، وقال في رواية إسحاق بن منصور:"صالح الحديث"، ومما يؤيد قول ابن حبان فيه: قول أبي حاتم: "ليس بالقوي"، وقد ضعفه النسائي، وابن سعد وقال:"وكان ضعيفًا، منكر الحديث"، وأما قول ابن عدي:"ولم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به"، فهذا يقوله فيمن ضعفه محتمل ويكتب حديثه، والله أعلم [التهذيب (٤/ ٥٧٠)، الميزان (١/ ٤٧٦) و (٤/ ٥٦٠)، تاريخ ابن معين للدارمي (٩١٧)، سؤالات ابن الجنيد