للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معناهما"، فتعقبه النووي في المجموع (١/ ١٦٣): "فكأنه قاله لأنه لم يقف على الرواية التي فيها اللون، وهي موجودة في سنن ابن ماجه والبيهقي كما قدمنا، فإن قيل: لعله رآها فتركها لضعفها، قلنا: هذا لا يصح لأنه لو راعى الضعف واجتنبه لترك جملة الحديث لضعفه المتفق عليه، والله أعلم" [وانظر: البدر المنير (١/ ٤٠٣)].

• وحاصل ما تقدم:

أن حديث: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء": حديث صحيح، وأما الاستثناء فيه فلا يصح، وقد نقل العلماء الإجماع على معناه، كما تقدم عن الشافعي والبيهقي [وانظر: الأم (١/ ٤)].

وقال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٢/ ٧١٥ - مسند ابن عباس): "مع إجماع جميعهم على: أن الماء ينجس بغلبة لون النجاسة عليه أو طعمه أو ريحه".

وقال ابن المنذر في الأوسط (١/ ٢٦٠ و ٢٦١): "أجمع أهل العلم على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت النجاسة الماء طعمًا أو لونًا أو ريحًا: أنه نجس ما دام كذلك، ولا يجزئ الوضوء والاغتسال به.

وأجمعوا على أن الماء الكثير ... إذا وقعت فيه نجاسة فلم تغير له لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا: أنه بحاله في الطهارة قبل أن تقع فيه النجاسة" [وانظر: الإجماع لابن المنذر (١٧ و ١٨)، الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان الفاسي (٢٩٣ - ٢٩٨)].

وقال ابن حبان بعد حديث القلتين لابن عمر (١٢٤٩): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء لا ينجسه شيء" لفظة أطلقت على العموم، تستعمل في بعض الأحوال، وهو المياه الكثيرة التي لا تحتمل النجاسة فتطهر فيها، وتخص هذه اللفظة التي أطلقت على العموم ورودُ سُنَّة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء".

ويخص هذين الخبرين: الإجماع على أن: الماء قليلًا كان أو كثيرًا فغير طعمَه أو لونَه أو ريحَه نجاسةٌ وقعت فيه؛ أن ذلك الماء نجس بهذا الإجماع الذي يخص عموم تلك اللفظة المطلقة التي ذكرناها"، ومقصودي من كلامه هذا نقله الإجماع على الاستثناء.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ١٦٢): "وهذا إجماع لا خلاف فيه: إذا تغير بما غلب عليه من نجس أو طاهر: أنه غير مطهر" [وانظر: الكافي له (١٥)].

وقال في التمهيد (١/ ٣٣٢): "قد رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء؛ إلا ما غلب عليه فغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه"، وهذا إجماع في الماء المتغير بالنجاسة".

وقال النووي في المجموع (١/ ١٦٣) بعد أن نقل الإجماع عن ابن المنذر: "ونقل الإجماع كذلك جماعات من أصحابنا وغيرهم وقال أيضًا: "وإذا علم ضعف الحديث تعين الاحتجاج بالإجماع، كما قاله البيهقي وغيره من الأئمة".

***

<<  <  ج: ص:  >  >>