وقال أبو بكر الإسماعيلي في اعتقاد أئمة الحديث (٢٨): "ويرون صلاة الجمعة وغيرها خلف كل إمام مسلم، برًّا كان أو فاجرًا؛ فإن الله عز وجل فرض الجمعة، وأمر بإتيانها فرضًا مطلقًا، مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق، ولم يستثن وقتًا دون وقت، ولا أمرًا بالنداء للجمعة دون أمر".
وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ١٠): "فأما الجمع والأعياد فإنها تصلى خلف كل بر وفاجر، وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة، وكذلك العلماء الذين في عصره".
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٤/ ٥٤٢): "وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور باتفاق الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، فمن قال: لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف من أعرف عقيدته في الباطن؛ فهذا مبتدع مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم، والله أعلم".
وقال أيضًا (٢٣/ ٣٥١): "يجوز للرجل أن يصلي الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقًا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه، فيقول: ماذا تعتقد؟، بل يصلي خلف مستور الحال، ولو صلى خلف من يعلم أنه فاسق أو مبتدع؛ ففي صحة صلاته قولان مشهوران في مذهب أحمد ومالك، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة الصحة".
ثم قال:"ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة، والعيدين، والإمام في صلاة الحج بعرفة، ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم.
ولهذا قالوا في العقائد: إنه يصلي الجمعة والعيد خلف كل إمام برًّا كان أو فاجرًا، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه الجماعات، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده، وإن كان الإمام فاسقًا، هذا مذهب جماهير العلماء: أحمد بن حنبل، والشافعي وغيرهما، بل الجماعة واجبة على الأعيان في ظاهر مذهب أحمد، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة، كما ذكره في رسالة عبدوس وابن مالك والعطار.
والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار، ولا يعيدون، كما كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج، وابن مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة، وكان يشرب الخمر، حتى أنه صلى بهم مرة الصبح أربعًا، ثم قال: أزيدكم، فقال ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة، ولهذا رفعوه إلى عثمان"، ثم ذكر أثر عثمان عند البخاري، ثم قال:"ومثل هذا كثير، ... ".
والنصوص عن الإمام أحمد في هذا المعنى كثيرة، وحاصلها أنه لا يصلى خلف أهل