للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرجه الطبراني في الكبير (٩/ ٨٤٩٣/٨٩).

وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع في موضعين: فإن مغيرة بن مقسم الضبي لم يصرح بسماعه له من إبراهيم النخعي، وقد كان يدلس عن إبراهيم، وهذه الصيغة هنا دالة على أنه لم يسمعه من إبراهيم [انظر: التهذيب (٤/ ١٣٨)، تحفة التحصيل (٣١٣)]، وإبراهيم النخعي إنما يروي عن أصحاب ابن مسعود عنه، وهو هنا يحكي قصة لا ندري هل أخذها إبراهيم عن أصحاب ابن مسعود رواية أم حكاية.

والحاصل: أنه إسناد ضعيف؛ لا تقوم بمثله حجة.

وقد رُويت هذه الواقعة بغير هذا السياق بإسناد ضعيف أيضًا، وليس فيها التصريح بكون ذلك من السنة.

وقد جاء في هذا المعنى آثار عن بعض الصحابة في تقديم صاحب البيت أو إمام المسجد على الزائر، جاء هذا عن: ابن عمر، وابن مسعود، وأبي موسى، وأبي ذر، وأبي حذيفة [انظر: مسند أحمد (١/ ٤٦٠)، مسائل صالح لأبيه (٧١٦)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٠/ ٦١٠٤)، مسند ابن أبي شيبة (٤٢٥)، شرح معاني الآثار (١/ ٥١١)، المعجم الكبير للطبراني (٩/ ٢٥٥/ ٩٢٦٢)، سنن البيهقي (٣/ ١٢٦)، معرفة السنن والآثار (٢/ ٤٠٢/ ١٥٤٦)، المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٤٦)، فتح الباري لابن رجب (٤/ ١٣٥ - ١٣٩)].

• وحاصل مما تقدم: أن الذين صححوا أو حسنوا حديث مالك بن الحويرث، أو احتجوا به نظروا إلى اعتضاده بفعل بعض الصحابة، أو أن بعضه مروي من حديث أبي مسعود البدري وغيره.

وأن الذين ضعفوه نظروا إلى جهالة أبي عطية راويه عن مالك بن الحويرث، وإلى مخالفته لحديث أبي مسعود في الأذن، وحديث عتبان وأنس.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن الصواب مع الذين ضعفوه، فإن أبا عطية هذا لم يوثقه أحد، بل صرح بجهالته جماعة، ولم يرو عنه سوى بديل بن ميسرة، ولا يُعرف له غير هذا الحديث، فإذا انضم إلى هذا: مخالفته للأحاديث الصحيحة الثابتة، كان حديثًا منكرًا، كما قال الذهبي، والله أعلم.

• ومن فقه الحديث:

قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، قالوا: صاحب المنزل أحقُّ بالإمامة من الزائر، وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به، وقال إسحاق بحديث مالك بن الحويرث، وشدَّد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل، وإن أذن له صاحب المنزل، قال: وكذلك في المسجد لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم، يقول: ليُصلِّ بهم رجل منهم".

وقال الشافعي: "وأكره أن يؤمَّ أحدٌ غيرُ ذي سلطان أحدًا في منزله؛ إلا أن يأذن له الرجل، فإن أذِن له فإنما أمَّ بأمره، فلا بأس إن شاء الله تعالى" [الأم (١/ ١٥٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>