قلت: هو حديث منكر؛ زيد بن جبيرة: متروك، منكر الحديث، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر المدني لا يُعرف بالرواية عن أبي سعيد الخدري، والأقرب عندي أنه لم يدركه؛ فإن بين وفاتيهما قرابة ستين سنة، والله أعلم.
ومما جاء من آثار في هذا الباب:
١ - عن ابن مسعود:
يرويه سفيان الثوري، وشعبة، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، قال: جاء ابن مسعود إلى مسجدنا، وأقيمت الصلاة، فقيل له: تقدم، فقال: يتقدم إمامكم، قلنا: إمامنا ليس ها هنا، قال: ليتقدم رجل منكم، فتقدم رجل، فقام على دكان في قبلة المسجد، فنهاه عبد الله. لفظ شعبة.
ولفظ الثوري: عن عبد الله: أنه كره أن يرتفع الإمام على أصحابه.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤١٤/ ٣٩٠٦) [وفي سند المطبوع نوع قلب، وإدخال إسناد على إسناد، والتصحيح من المخطوط (١/ ٣١٨) (١/ ١٥٩/ أ)]، وابن أبي شيبة (٢/ ٦٦/ ٦٥٢٦)، والطبراني في الكبير (٩/ ٣١١/ ٩٥٦٠ و ٩٥٦١)، والبيهقي (٣/ ١٢٦).
وهذا إسناد صحيح؛ على شرط البخاري [البخاري (٦٧٣٦ و ٦٧٤٢ و ٦٧٥٣)].
٢ - عن سلمان:
رواه الثوري، عن حماد، عن مجاهد، قال: رأى سلمانُ حذيفةَ يؤمُّهم على دكان من جص، فقال: تأخر؛ فإنما أنت رجل من القوم، فلا ترفع نفسك عليهم، فقال: صدقت.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤١٣/ ٣٩٠٤).
وهذا صورته مرسل، ولا يُعرف لمجاهد سماع من سلمان وحذيفة.
٣ - عن أبي هريرة:
رواه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة]، عن صالح مولى التوأمة: أنه رأى أبا هريرة يصلي على ظهر المسجد بصلاة الإمام وهو تحته.
أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ٣٤٤/ ٣٤٤)، وفي المسند (٥٠)، وعبد الرزاق (٣/ ٨٣/ ٤٨٨٨)، والبيهقي في السنن (٣/ ١١١)، وفي المعرفة (٢/ ٣٨٦/ ١٥١٥).
ورواه ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، قال: صليت مع أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٥/ ٦١٥٩)، والفاكهي في أخبار مكة (٢/ ١٣٣/ ١٣٠٠)، والبيهقي (٣/ ١١١)، وعلقه البخاري بصيغة الجزم قبل الحديث رقم (٣٧٧).
قال ابن حجر في التغليق (٢/ ٢١٥): "سماع ابن أبي الذئب من صالح قديم".
قلت: إسناده صحيح؛ صالح بن نبهان مولى التوأمة: ثقة، كان قد اختلط، وسماع من سمع منه قبل الاختلاط صحيح، وابن أبي ذئب ممن سمع منه قبل الاختلاط [انظر: التهذيب (٢/ ٢٠١)، الكواكب النيرات (٣٣)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٤٩)].