للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي ذلك عن ابن مسعود من غير وجه أنه كرهه، ونهى عنه" [الفتح (٢/ ٢٣٦)].

ثم عاد وقال بأن القاضي أبا يعلى حكاه وجهًا عن الإمام أحمد [الفتح (٢/ ٢٣٩)].

وترجم ابن خزيمة لحديث أبي مسعود بقوله: "باب النهي عن قيام الإمام على مكان أرفع من المأمومين؛ إذا لم يُرِد تعليمَ الناس"، وكان ترجم قبلُ لحديث سهل، فقال: "باب الرخصة في قيام الإمام على مكان أرفع من مكان المأمومين لتعليم الناس الصلاة".

وقال أبو عوانة في مستخرجه (١/ ٤٧٠) مستدلًا بحديث سهل: "بيان الإباحة للإمام إذا صلى على مكان أرفع من مكان المأموم".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٦٥): "هكذا يفعل الإمام إذا أراد أن يعلمهم، فإن لم يكن كذلك ولم يرد يعلمهم فمكروه أن يصلي على مكان أرفع من مكان المأمومين، يدل على ذلك حديث المأمومين [كذا، ويعني بذلك حديث أبي مسعود] ".

وقال ابن حبان: "إذا كان المرء إمامًا وأراد أن يصلي بقوم حديث عهدهم بالإسلام، ثم قام على موضع مرتفع من المأمومين ليعلمهم أحكام الصلاة عيانًا، كان ذلك جائزًا، على ما في خبر سهل بن سعد، وإذا كانت هذه العلة معدومة لم يصلِّ على مقام أرفع من مقام المأمومين، على ما في خبر أبي مسعود، حتى لا يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر".

وقال ابن حزم عن حديث سهل: "لا بيانَ أبينَ من هذا في جواز صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين وكان ترجم للمسألة بقوله: "وجائز للإمام أن يصلي في مكان أرفعَ من مكان جميع المأمومين وفي أخفضَ منه".

• قلت: قول الشافعي ومن تبعه من أعدل الأقوال في المسألة، حيث جمع بين الأدلة، وأعملها جميعًا، ومعلوم أن إعمال الأدلة أولى من إهمالها إذا صحت وثبتت.

وأما من قال ببطلان صلاة الإمام أو المأمومين إذا كان مكان الإمام أرفع من المأمومين؛ فلم يُصب، وهو قول ضعيف، يرده الحديث الذي استدل به على قوله، فإن أبا مسعود لما أنكر على حذيفة، كان قد شرع حذيفة في الصلاة، ومع ذلك فلم يأمر أبو مسعود أحدًا بإعادة الصلاة أو بقضاء ما صلى وهو على هذه الحال، والله أعلم.

قال ابن رجب في الفتح (٢/ ٢٣٨): "وقد تقدم أن الصحابة بنوا على الصلاة خلف من أمَّهم مرتفعًا عليهم، ولم يستأنفوا الصلاة".

وانظر: الأصل (١/ ١٩)، مختصر اختلاف العلماء (١/ ٢٢٩)، المبسوط للسرخسي (١/ ٣٩)، شرح السنة (٢/ ٣٩١) و (٣/ ٣٩٢)، بدائع الصنائع (١/ ٤٦ و ٢١٦)، المغني (٢/ ٢١) شرح الجامع لأحكام القرآن (١١/ ٨٥)، المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٥٣)، الذخيرة (٢/ ٢٥٧).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>