ومن رواية زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن رجل من بني تميم، عن أبي مسعود، مرفوع.
وهو: صالح".
• ومن فقه الحديث:
فقد صح في حديث أبي مسعود: أنهم كانوا يُنْهون عن ذلك، وفي رواية: أنا كنا نُهينا عن هذا، يعني: أن يصلي الإمام على أرفع مما عليه أصحابه.
وصح عن ابن مسعود أنه كره أن يرتفع الإمام على أصحابه، وصح أن أبا هريرة صلى فوق المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل.
وصح عن عمر بن عبد العزيز: أنه أمَّ الناس فوق كنيسة، والناس أسفل منه [مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤٢٣/ ٤٨٦٨) و (٢/ ٦٦/ ٦٥٣٠)].
وكان الحسن لا يرى بأسًا أن يصلي الإمام على مكان أرفعَ من أصحابه [مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٦٦/ ٦٥٣١)].
وكان إبراهيم النخعي يكره أن يكون مكان الإمام أرفعَ من مكان القوم [مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٦٦/ ٦٥٢٨)].
وكره مالك أن يصلي الإمام على مكان أرفع من المأمومين [المدونة (١/ ٨١)].
وقال الشافعي: "وأختار للإمام الذي يعلِّم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع؛ ليراه من وراءه، فيقتدون بركوعه وسجوده"، ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال: "وإن كان الإمام قد علَّم الناس مرةً أحببت أن يصلي مستويًا مع المأمومين، لأنه لم يُرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على المنبر إلا مرةً واحدةً، وكان مقامه فيما سواها بالأرض مع المأمومين، فالاختيار أن يكون مساويًا للناس، ولو كان أرفعَ منهم، أو أخفضَ، لم تفسُد صلاته ولا صلاتهم" [الأم (٢/ ٣٤٣)].
وقال البخاري: قال علي بن المديني: سألني أحمد بن حنبل رحمه الله عن هذا الحديث، قال: فإنما أردت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، قال: فقلت: إن سفيان بن عيينة كان يُسأل عن هذا كثيرًا، فلم تسمعه منه؟ قال: لا.
قال ابن رجب معقبًا عليه: "فهذا غريب عن الإمام أحمد، لا يعرف عنه إلا من هذا الوجه، وقد اعتمد عليه ابن حزم وغيره، فنقلوا عن أحمد: الرخصة في علو الإمام على المأموم. وهذا خلاف مذهبه المعروف عنه، الذي نقله عنه أصحابه في كتبهم، وذكره الخرقي ومن بعده، ونقله حنبل ويعقوب بن بختان عن أحمد، أنه قال: لا يكون الإمام موضعه أرفع من موضع من خلفه، ولكن لا بأس أن يكون من خلفه أرفع.
وممن كره أن يكون موقف الإمام أعلى من المأموم: النخعي والثوري ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي.