للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإسحاق (٢٥٢): "قلت: إذا رفع رأسه قبل الإمام؟ قال: يعود فيسجد. قلت: من ساعته؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن فعل ذلك استحق العقوبة والتعزير الذي يردعه وأمثاله، كما روي عن عمر: أنه رأى رجلًا يسابق الإمام فضربه، وقال: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت [قلت: لم أقف له على إسناد، ويحكى عن ابن مسعود].

وإذا سبق الإمام سهوًا: لم تبطل صلاته؛ لكن يتخلف عنه بقدر ما سبق به الإمام، كما أمر بذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قلت: جاء هذا عن عمر وابن مسعود، كما تقدم ذكره]، لأن صلاة المأموم مقدرة بصلاة الإمام، وما فعله قبل الإمام سهوًا لا يبطل صلاته، لأنه زاد في الصلاة ما هو من جنسها سهوًا، فكان كما لو زاد ركوعًا أو سجودًا سهوًا، وذلك لا يبطل بالسنة والإجماع، ولكن ما يفعله قبل الإمام لا يعتد به على الصحيح، لأنه فعله في غير محله، لأن ما قبل فعل الإمام ليس وقتًا لفعل المأموم، فصار بمنزلة من صلى قبل الوقت، أو بمنزلة من كبر قبل تكبير الإمام، فإن هذا لا يجزئه عما أوجب الله عليه، بل لابد أن يحرم إذا حل الوقت لا قبله، وأن يحرم المأموم إذا أحرم الإمام لا قبله، فكذلك المأموم لابد أن يكون ركوعه وسجوده إذا ركع الإمام وسجد لا قبل ذلك، فما فعله سابقًا وهو ساهٍ عفي له عنه، ولم يعتد له به، فلهذا أمره الصحابة والأئمة أن يتخلف بمقداره ليكون فعله بقدر فعل الإمام.

وأما إذا سبق الإمام عمدًا ففي بطلان صلاته قولان معروفان في مذهب أحمد وغيره، ومن أبطلها قال: إن هذا زاد في الصلاة عمدًا فتبطل، كما لو فعل قبله ركوعًا أو سجودًا عمدًا، فإن الصلاة تبطل بلا ريب، وكما لو زاد في الصلاة ركوعًا أو سجودًا عمدًا، وقد قال الصحابة للمسابق: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت [قلت: إنما حكي عن ابن مسعود، ولم أقف له على إسناد]، ومن لم يصل وحده ولا مؤتمًا فلا صلاة له.

وعلى هذا، فعلى المصلي أن يتوب من المسابقة، ويتوب من نقر الصلاة، وترك الطمأنينة فيها، وإن لم ينته فعلى الناس كلهم أن يأمروه بالمعروف الذي أمره الله به، وينهوه عن المنكر الذي نهاه الله عنه، فإن قام بذلك بعضهم وإلا أثموا كلهم.

ومن كان قادرًا على تعزيره وتأديبه على الوجه المشروع، فعل ذلك، ومن لم يمكنه إلا هجره، وكان ذلك مؤثرًا فيه، هجره حتى يتوب، والله أعلم! [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٣٧)].

وانظر: شرح السنة (٣/ ٤١٨)، المغني (١/ ٣١٠)، المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٠٣)، الذخيرة (٢/ ٢٧٥)، فتح الباري لابن رجب (٤/ ١٤٠ و ١٦٤)، تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب (١/ ٤٨٧)، فتح الباري لابن حجر (٢/ ١٨٣).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>