صلى في إزارٍ محتجزًا فوق الثديين، وإنما كان يفعل ذلك لينظر الناس إليه فيقتدون به، ففي هذا تحقيق أن إعراء المناكب لا يفسد الصلاة".
وقال البخاري في صحيحه، في (٨) كتاب الصلاة، (٤): باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به، قال الزهري في حديثه: الملتحف: المتوشح، وهو المخالف بين طرفيه على عاتقيه، وهو الاشتمال على منكبيه، وقالت أم هانئ: التحف النبي - صلى الله عليه وسلم - بثوب، وخالف بين طرفيه على عاتقيه. اهـ.
وقال الترمذي: "حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم من التابعين، وغيرهم، قالوا: لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد، وقد قال بعض أهل العلم: يصلي الرجل في ثوبين".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٥٦): "فقد ثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا كان الثوب واسعًا أن يخالف بين طرفيه، فغير جائز على ظاهر الخبر أن يصلي مصلٍّ في ثوب واسع متزرًا به ليس على عاتقه منه؛ للثابت عنه أنه نهى عن ذلك".
وقال في الإقناع (١/ ١٤٤): "فالصلاة في الثوب الواحد تجزي، غير أن المصلي إذا كان الثوب واسعًا يخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا يشده على حقوه؛ لحديث جابر، لا يجوز غير ذلك، والعورة التي يجب أن تستر عند كثير من أهل العلم: ما بين السرة إلى الركبة، وتستر المرأة جميع بدنها غير كفيها ووجهها،. . .".
وقال ابن حزم في المحلى (٤/ ٧٢) في حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء"، وفي حديث جابر: "إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدُدْه على حِقْوِك"، قال: "وهذه الأحاديث تقضي على سائر الأخبار في الصلاة في الثوب الواحد"، ومن ثم ذهب إلى قوله: "وفرض على الرجل إن صلى في ثوب واسع أن يطرح منه على عاتقه أو عاتقيه، فإن لم يفعل بطلت صلاته، فإن كان ضيقًا اتَّزر به، وأجزأه، كان معه ثياب غيره أو لم يكن".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ١٩٤): "وقال الأخفش: الاشتمال: هو أن يلتف الرجل بردائه أو بكسائه من رأسه إلى قدميه برد طرف الثوب الأيمن على منكبه الأيسر فهذا هو الاشتمال.
[فإن هو لم يرد طرفه الأيمن على منكبه الأيسر وتركه مرسلًا إلى الأرض فذلك السدل الذي نهي عنه]
قال: والتوشح: هو أن يأخذ طرف الثوب الأيسر من تحت يده اليسرى فيلقيه على منكبه الأيمن، ويلقي طرف الثوب الأيمن من تحت يده اليمنى على منكبه الأيسر.
قال: فهذا هو التوشح الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه صلى في ثوب واحد متوشحًا به.