٢ - وخالف جماعة الثقات فأسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فرواه عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن أمه، عن أم سلمة، أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: "إذا كان الدِّرعُ سابغًا يُغطِّي ظهور قدميها".
يأتي ذكر من أخرجه، وهو الحديث الآتي في السنن، وقد وهم في رفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار.
قال أبو داود: "روى هذا الحديث: مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قَصَروا به على أم سلمة - رضي الله عنها -.
وقال الدارقطني في العلل (١٥/ ٢٥١/ ٤٠٠٠) بعد أن ذكر الاختلاف فيه، وختمه بذكر من رواه موقوفًا، فقال: "وهو الصواب".
وأُقحم في مسند عائشة من العلل (١٤/ ٤٣٨/ ٣٧٨٧) خطأً، وقال الدارقطني: "ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد، وأسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمحفوظ: الموقوف".
وقال البيهقي عن الموقوف: "هذا هو الصحيح: موقوف، ورُوي مرفوعًا".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٣٦٧): "والذين وقفوه على أم سلمة أكثر وأحفظ"، وقال أيضًا: "عبد الرحمن هذا: ضعيف عندهم؛ إلا أنه قد خرج البخاري بعض حديثه".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (١/ ٣١٧): "هذا هو الصحيح أنه من قول أم سلمة، وقد ذكر بعضهم فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وقال ابن الجوزي: "والظاهر أنه غلط في رفع هذا الحديث".
وقال النووي في المجموع (٣/ ١٧٤)، وفي الخلاصة (٩٧٢): "رواه أبو داود بإسناد جيد، لكن قال: رواه أكثر الرواة عن أم سلمة موقوفًا عليها من قولها"، زاد في الخلاصة: "والرفع مقدم على الوقف على الصحيح"، قلت: إذا دلت على ذلك القرائن، والأمر هنا بخلاف ذلك، ولا ينبغي جعلها قاعدة مطردة، وإنما الزيادة [سندًا -بالرفع أو الوصل-، أو متنًا] تقبل من الثقة الحافظ، إذا دلت القرائن على أنه قد حفظها، ولم يخالف في ذلك الجمع الكثير من الثقات.
وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (١/ ١٢٨): "فرفعه غلط".
وقال ابن حجر في البلوغ (١٦٣): "وصحح الأئمة وقفه".
خالف الحاكم هؤلاء الأئمة فصححه، معتمدًا على كون عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ممن أخرج له البخاري، فقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".