قلت: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار: صدوق يخطئ، والأكثر على تضعيفه، وقد مشاه بعضهم [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (٥٨٠)]، فكيف يُقدَّم قوله، وتُقبل زيادته هنا بالرفع، ولم يكن بالحافظ، ولا يُطلق القول بتوثيقه، فإن له أوهامًا أُنكرت عليه، فمثله إذا خالفه إمام المتقنين وكبير المتثبتين الإمام مالك بن أنس وحده، قُدِّم عليه قول مالك، فكيف وقد تابع مالكًا عليه: تسعة من الثقات، فمثل هذا مما يُقطع فيه بالوهم عليه، لذا ترى الأئمة قد جزموا بتصحيح الموقوف، ولم يترددوا في ذلك باستعمال بعض العبارات، مثل: الأشبه، والأقرب، ونحو ذلك، والله أعلم.
• وبناء على ما تقدم من أن الصحيح هو الوقف، فهل يثبت عن أم سلمة؟
فيقال: هذا موقوف بإسناد ضعيف؛ لأجل أم حرام والدة محمد بن زيد بن المهاجر، فقد تفرد عنها ولدها، وقال الذهبي: "لا تعرف" [التهذيب (٤/ ٦٩٤)، الميزان (٤/ ٦١٢)].
• وله أسانيد أخرى عن أم سلمة:
• فقد روى عبد الرزاق، عن مالك، عن محمد بن أبي بكر، عن أمه: أنها سألت أم سلمة في كم تصلي المرأة؟ قالت: في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها.
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ١٢٨/ ٥٠٢٨).
قلت: هذه الرواية وهم على مالك، فقد رواه رواة الموطأ وغيرهم من الثقات: عن مالك، عن محمد بن زيد بن قُنفُذ، عن أمه، أنها سألت أم سلمة: ... فذكره.
فإنما هو محمد بن زيد بن قنفذ، وليس هو محمد بن أبي بكر، والله أعلم.
• وروى معمر، عن قتادة، عن أم الحسن، قالت: رأيت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تصلي في درع وخمار.
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ١٢٨/ ٥٠٢٧).
قلت: قتادة سمع أم الحسن [راجع الحديث المتقدم برقم (٥٩٢)]، لكن معمرًا وإن كان ثقة في الزهري وطاوس؛ إلا أنه كان يُضعَّف حديثه عن أهل العراق خاصة، وحديثه عن أهل البصرة فيه ضعف، وقتادة بصري، وكان معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة [انظر: علل الدارقطني (١٢/ ٢٢١/ ٢٦٤٢)، تاريخ دمشق (٥٩/ ٤١٤)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٧٤ و ٨٠٤)].
ولم يرد في هذه الرواية ذكر القدمين؛ مع كونها من فعل أم سلمة، لا من قولها.
• وروى قريش بن حيان العجلي [بصري، ثقة]: حدثتنا أَمَةُ الله بنت مذعور، عن أمها، قالت: دخلت على أم سلمة وهي تصلي في درع وخمار، فسألتها عن العَلَم في الثوب؟ فقالت: كنا نلبس مثل هذا الثوب، لثوب عليها، فيها عَلَم حرير على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه الطبراني في الكبير (٢٣/ ٤١٩/ ١٠١٥)، بإسناد صحيح إلى قريش.