للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه قول ثالث: قاله النخعي، قال: لا بأس بالسدل على القميص، وكرهه على الأزر.

وقد حكي عن الشافعي غير ذلك كله، حكي أنه قال: ولا يجوز السدل في الصلاة، ولا في غير الصلاة للخيلاء، فأما السدل لغير الخيلاء فهو خفيف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر، وقال له: إن إزاري يسقط من أحد شقي، فقال له: "لست منهم".

ثم ضعف ابن المنذر حديث عسل بن سفيان، ثم قال: " ... [فالأحوط] إذا كان الحديث هكذا: أن يحظر السدل على المصلي، وعلى غير المصلي".

وقال الطحاوي في اختلاف العلماء (١/ ٢٠٦ - مختصره للجصاص): "كره أصحابنا السدل في الصلاة، وهو قول الثوري، قال أبو يوسف والثوري: والسدل أن ترخي طرف ثوبك بين يديك، كما تصنع اليهود.

وقال الشافعي: لا يجوز السدل في الصلاة، ولا في غيرها، فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف.

وقال مالك: لا بأس بالسدل في الصلاة وغيرها".

وقال الخطابي في المعالم (١/ ١٥٤): "السدل: إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، ... ، ويشبه أن يكونوا إنما فرقوا بين إجازة السدل في الصلاة وبينه في غير الصلاة؛ لأن المصلي ثابت في مكانه لا يمشي في الثوب الذي عليه، فأما غير المصلي فإنه يمشي فيه ويسدله، وذلك من الخيلاء المنهي عنه

وقوله: وأن يغطي الرجل فاه: فإن من عادة العرب التلثم بالعمائم على الأفواه، فنهوا عن ذلك في الصلاة؛ إلا أن يعرض للمصلي التثاؤب، فيغطي فمه عند ذلك، للحديث الذي جاء فيه".

وقال النووي في المجموع (٣/ ١٨٠): "والذي نعتمده في الاستدلال على النهي عن السدل في الصلاة وغيرها: عموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن إسبال الإزار وجره".

قلت: هذا على القول بأن السدل هو الإسبال، لكن أكثر الأئمة على أن السدل هو إرخاء الثوب بين يديه من غير أن يطرح أحد طرفيه على الآخر، والله أعلم.

قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (١٣٠): "وأما ما ذكره أبو الحسن الآمدي وابن عقيل من أن السدل هو إسبال الثوب بحيث ينزل عن قدميه يجره، فيكون هو إسبال الثوب وجره المنهي عنه: فغلط مخالف لعامة العلماء، وإن كان الإسبال والجر منهيًا عنه بالاتفاق، والأحاديث فيه أكثر، وهو محرم على الصحيح؛ لكن ليس هو السدل".

وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ١٤٩): "وفسر آخرون السدل بما ذكرنا [يعني: إرخاء الثوب دون أن يعطفه]، وزادوا: أن يكون مسبلًا تحت الكعبين، وهذا هو المروي عن الشافعي، وهو الذي ذكره أكثر أصحابه، وبعض أصحابنا، وقاله الخطابي وغيره، وجعلوا حكمه حكم إسبال الإزار تحت الكعبين: إن كان خيلاء حرم ذلك، وإن لم يكن خيلاء ففيه الاختلاف المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>