قال الترمذي: "وفي الباب: عن قرة بن إياس المزني.
قال أبو عيسى: حديث أَنس: حديث حسن [صحيح].
وقد كره قوم من أهل العلم أن يُصَفَّ بين السواري، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك".
وممن نقل عن الترمذي تحسينه فقط: الطوسي، والضياء، وعبد الحق الإشبيلي [في الأحكام الكبرى (٢/ ١٦٨)]، والنووي [في الخلاصة (٢/ ٧٢٠/ ٢٥٢٣)، والمزي [في التحفة (١/ ٤٧١/ ٩٨٠ - ط الغرب)، وفي التهذيب (١٦/ ٤٥٩)]، وأبو الفتح اليعمري [في النفح الشذي (٤/ ٢١٩)]، والزيلعي [في نصب الراية (٢/ ٣٢٦)]، وابن رجب [في الفتح (٢/ ٦٥٢)]، وابن حجر [في الفتح (١/ ٥٧٨)].
وممن نقل تصحيحه: ابن دقيق العيد [في الاقتراح (١٢٤)]، والمباركفوري [في التحفة (٢/ ١٩)]، وكذا هو في نسخة في العارضة (٢/ ٢٥).
قلت: الصواب أن الترمذي قال فيه: "حديث حسن" فقط دون زيادة: "صحيح"، وكذا هو في أكثر النسخ الخطية التي وقفت عليها، ومنها نسخ الكروخي، ومطبوعة الجامع للأرناؤوط (١/ ٢٨٢/ ٢٢٦).
وقال أبو بكر بن أبي داود: "هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة".
وقال ابن المنذر في الأوسط (١/ ١٨٣): "ليس في هذا الباب خبر يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عنه، وأعلى ما فيه قول أَنس: كنا نتقيه، ولو اتَّقى متَّقٍ كان حسنًا، ولا مأثم عندي على فاعله".
قلت: وليس في قول ابن المنذر هذا تضعيف لحديث أَنس من هذا الطريق، إنما يُصرف تضعيفه للأحاديث التي جاء فيها النهي الصريح عن الصفِّ بين السواري، مثل الطريقين الآتيين لحديث أَنس، وحديث قرة بن إياس، والله أعلم.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (١/ ٣٥٥): "ليس عبد الحميد ممن يحتج بحديثه".
فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (٥/ ٣٣٨/ ٢٥١٦) بقوله: "ولا أدري من أنبأه بهذا، ولم أر أحدًا ممن صنف [في] الضعفاء ذكره فيهم، ونهاية ما يوجد فيه مما يوهم ضعفًا: قول أبي حاتم الرازي - وقد سئل عنه -: هو شيخ، وهذا ليس بتضعيف؛ وإنما هو إخبار بأنه ليس من أعلام أهل العلم، وإنما هو شيخ وقعت له روايات أخذت عنه، وقد ذكره أبو عبد الرحمن النسائي، فقال فيه: ثقة، على شحه بهذه اللفظة، والرجل بصري، يروي عن ابن عباس، وأنس، روى عنه يحيى بن هانئ -وهو أحد الثقات-، وعمرو بن هرم، وابنه حمزة بن محمود، فاعلمه"، وهو كما قال، ووثقه الدارقطني أيضًا، وانظر: النفح الشذي (٤/ ٢٢٠)، ذيل الميزان (٥٠٨).