وقال الدارقطني:"تفرد به خالد بن مهران الحذاء، عن أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم، عنه" يعني: عن علقمة عن ابن مسعود.
وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجه البخاري".
وقال البغوي:"هذا حديث صحيح".
هكذا صح هذا الحديث: مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبغوي، وقال البخاري:"أرجو أن يكون محفوظًا"، واستغربه الترمذي.
لكن قال أبو الفضل ابن عمار الشهيد في العلل (١٢): "حدثني محمد بن أحمد مولى بني هاشم، قال: سمعت حنبل بن إسحاق، عن عمه أحمد بن حنبل، قال: هذا حديث منكر.
قال أبو الفضل: قلت: وإنما أنكره أحمد بن حنبل من هذا الطريق، فأما حديث أبي مسعود الأنصاري فهو صحيح" [وانظر: شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (٥/ ١٦٥٧/ ٩٧٦)].
قلت: حنبل بن إسحاق بن حنبل ابن عم الإمام أحمد، قال فيه الدارقطني:"كان صدوقًا"، وقال الخطيب البغدادي:"كان ثقة ثبتًا"، وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة:"وذكره أبو بكر الخلال، فقال: قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم"، وقال الذهبي:"له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب" [الجرح والتعديل (٣/ ٣٢٠)، تاريخ بغداد (٨/ ٢٨٦)، طبقات الحنابلة (١/ ١٤٣)، المنتظم (١٢/ ٢٥٦)، التقييد (٢٥٨)، السير (١٣/ ٥١)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٦٠٠)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٣٤٣)].
قلت: ففي النفس شيء من ثبوت هذا عن الإمام أحمد، فهو غريب عنه، وعلى فرض ثبوته عن الإمام أحمد، فقد خولف فيه، وصححه جماعة كما تقدم، والله أعلم.
قال أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (٤/ ٢١٣) عن هذا الحديث: "فهو صحيح؛ لثقة رواته، وكثرة الشواهد له، ... ، ولذلك حكم بصحته مسلم، وأما غرابته فليست تنافي الصحة في بعض الأحيان [وفي نسخة: الأخبار]، ... ، وأما الغرابة التي أشار إليها: فقد قال الدارقطني: تفرد به خالد بن مهران الحذاء عن أبي معشر زياد بن كليب. انتهى، فهو على هذا غريب من حديث أبي معشر، وكذلك هو عند أبي معشر عن إبراهيم، وبهذا التفرد يوجه القول بتحسينه، ... ".
قلت: نعم، هو غريب، لكن ذلك لا يمنع من كونه صحيحًا محفوظًا، والبخاري قال:"أرجو أن يكون محفوظًا"، ولم يضعِّفه، وخالد بن مهران الحذاء: ثقة ثبت، يحتمل منه التفرد بهذا، وهو معروف بالرواية عن أبي معشر، وأبو معشر زياد بن كليب: ثقة، وهو من قدماء أصحاب إبراهيم النخعي، ويحتمل من صاحب الرجل ما لا يحتمل من غيره، فإن قيل: قال فيه أبو حاتم: "هو من قدماء أصحاب إبراهيم، وهو أحب إليَّ من حماد بن أبي سليمان، وليس بالمتين في حفظه"، قال ابن أبي حاتم: "قيل لأبي: هو ثقة؟ قال: هو