المتابعات، لكونه من رواية أبي هارون عمارة بن جوين العبدي البصري، وهو: متروك، كذبه جماعة [التهذيب (٣/ ٢٠٧)]، وبرواية أخرى مقطوعة من قول سعيد بن جبير، إلى أن قال: "ولهذا صحح الحديث أبو حاتم ابن حبان والحاكم وغيرهما، وذلك مقتضٍ لثبوت عدالته عند من صححه.
فما يضره مع ذلك أن لا ينضبط اسمه إذا عرفت ذاته، والله تعالى أعلم".
وقال في البلوغ (١٨٥): "ولم يصب من زعم أنه مضطرب؛ بل هو حسن".
وسوف يأتي بيان ما هو الحق في ذلك، وأن ابن حجر قد جانب الصواب فيما ذهب إليه، ونسوق الآن كلام الأئمة في حكمهم على هذا الحديث:
• فأول من ضعَّف هذا الحديث رواته، فكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: "عندكم شيء تشدونه به".
وقال سفيان بن عيينة: "لم نجد شيئًا نشُدُّ به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه"، ثم ذكر أن هذا الشيخ الذي روى عنه إسماعيل بن أمية سئل عنه، فخلَّط فيه.
وإيراد أبي داود لكلام ابن عيينة على الحديث مشعر بعدم احتجاجه به، وأنه أراد بذلك تعليله، والله أعلم.
وقال مالك، والليث: "الخَطُّ باطلٌ، وليس بشيء" [المدونة (١/ ١١٣)، الأوسط لابن المنذر (٥/ ٩٢)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (٢/ ١٣٢)، التمهيد (٤/ ١٩٨)، الاستذكار (٢/ ٢٨١)].
وقال الطحاوي: "قال أصحابنا ومالك والليث: الخط ليس بشيء" [مختصر اختلاف العلماء (١/ ٢٣٥)، وانظر: التمهيد (٤/ ١٩٨)].
وفي هذا تضعيف ضمني لحديث أبي هريرة هذا، إذ إن حكمهم على الخط بالبطلان حكم على الحديث، والله أعلم.
وقال البيهقي في المعرفة (٢/ ١١٨): "هذا حديث قد أخذ به الشافعي في القديم، وفي سنن حرملة، وقال في كتاب البويطي: ولا يخط المصلي بين يديه خطًا؛ إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع.
وإنما توقف الشافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية؛ في أبي محمد بن عمرو بن حريث، فقيل هكذا، وقيل: عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده، وقيل: عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه، وقيل غير ذلك".
وقال في السنن (٢/ ٢٧١): "واحتج الشافعي رحمه الله بهذا الحديث في القديم، ثم توقف فيه في الجديد، فقال في كتاب البويطي: ولا يخط المصلي بين يديه خطًا؛ إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت؛ فليتبع.
وكأنه عثر على ما نقلناه من الاختلاف في إسناده، ولا بأس به في مثل هذا الحكم إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق" [وانظر: التمهيد (٤/ ١٩٨)، الاستذكار (٢/ ٢٨١)].