فيقول فيه ابن رجب في الفتح (٢/ ٦٣٧): "وأحمد لم يُعرف عنه التصريح بصحته، إنما مذهبه العمل بالخط، وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة، لا على الحديث المرفوع؛ فإنه قال في رواية ابن القاسم: الحديث في الخط ضعيف" [وقد تبع ابنَ عبد البر على ما نسبه لأحمد وابن المديني: عبدُ الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (١/ ٣٤٥)].
قلت: وسبق نقل أن الخلال ذكر في علله عن أحمد أنه قال: "حديث الخط ضعيف".
وقد نقل احتجاج أحمد وأبي ثور بهذا الحديث: ابن بطال في شرح البخاري (٢/ ١٣٢)، ويحمل أيضًا على العمل به، أو بالآثار الواردة في معناه، دون تصحيحه، والله أعلم.
وهذا المعنى قد زاده إيضاحًا أبو بكر ابن العربي في كتابه القبس في شرح الموطأ (١/ ٣٤١)، حيث قال:"قال لي أبو الوفاء علي بن عقيل وأبو سعيد البرداني؛ شيخا مذهب أحمد: كان أحمد بن حنبل يرى أن ضعيف الأثر خير من قوي النظر. وهذه وهلة لا تليق بمنصبه الرفيع؛ لأن ضعيف الأثر كالعدم؛ لا يوجب حكمًا، والنظر أصل من أصول الشريعة، عليه عوَّل السلف، ومنه قامت الأحكام، وبه فصل بين الحلال والحرام" [وانظر بعضه في شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٥/ ١٦١٦)]، والمقصود من هذا النقل أن ابن العربي كان قد نقل عن الإمام أحمد العمل بهذا الحديث، مع ظهور ضعفه، ومع ذلك فلم ينسب إلى الإمام أحمد تصحيحه، خلافًا لما نقل ابن عبد البر، ثم بين مذهب أحمد في ذلك، ورد عليه بما ظهر له، والله أعلم.
وأما قول ابن حجر في البلوغ (١٨٥): "ولم يصب من زعم أنه مضطرب؛ بل هو حسن"، قلت: ترجيح أحد الوجوه لا سيما قول جماعة الحفاظ قول قوي، لكن أنى له الحسن، وقد وصف ابن حجر نفسه رواة الحديث بالجهالة، فقال في كلٍّ من: حريث، وفي أبي عمرو بن محمد بن حريث:"مجهول" [التقريب (١٣٧ و ٧١٧)].
وقال الذهبي في أبي عمرو:"لا يُعرف"، وقال في أبي محمد:"لا يتحرر حالًا، ولا اسمه، تفرد عنه إسماعيل بن أمية" [الميزان (٤/ ٥٥٦ و ٥٦٩)] [وانظر: التهذيب (١/ ٣٧٤) و (٤/ ٥٦٢ و ٥٨٢)، إكمال مغلطاي (٤/ ٤٤)].
• وله إسناد آخر عن أبي هريرة:
يرويه: عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي [متروك، منكر الحديث]، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم فلم يجد ما يستتر به، فليخط خطًا".
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٦١٤ - الجزء المفقود)، والدارقطني في الأفراد (٢/ ٢٨٨/ ٥١٩١ - أطرافه).
قال الدارقطني:"تفرد به أبو مالك النخعي عن أيوب بن موسى عنه".