للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: إذا لم يثبت الحديث فلا وجه للعمل به.

وقال القرافي في الذخيرة (٢/ ١٥٥): "وهو مطعون عليه جدًّا، والنظر يرده".

وقال ابن عبد الهادي في المحرر (٢٨٣): "وهو حديث مضطرب الإسناد".

• قلت: وحاصل ما تقدم: أن هذا الحديث ضعيف؛ ضعفه جماعة من الأئمة ممن تقدم ذكرهم، وضعْفُ الحديث إما من جهتين معًا، أو من جهة واحدة:

فإذا قلنا بتعارض وتساوي رواية جماعة الحفاظ مع رواية الثوري ومعمر، فيكون الحديث حينئذ مضطربًا، ويضاف إلى ذلك: جهالة حريث وحفيده، كما صرح بذلك الطحاوي وغيره [التقريب (١٣٧ و ٧١٧)].

وإذا قلنا بترجيح رواية جماعة الحفاظ، وهو قول قوي، أو بترجيح رواية الثوري ومعمر، وهو قول أبي زرعة وابن معين في رواية، فعندئذ يُضعَّف الحديث من جهة جهالة حريث وحفيده، أو: حريث وابنه، والله أعلم.

• فإن قيل: هذا الحديث قد صححه جماعة من الأئمة، منهم: ابن خزيمة وابن حبان، واحتج به ابن المنذر، ونقل تصحيحه عن أحمد وابن المديني.

فيقال: ابن خزيمة قد يقع له التساهل في تصحيح أحاديث المجاهيل، وابن حبان أشد منه تساهلًا في توثيق المجاهيل وتصحيح أحاديثهم، ويقع لابن المنذر شيء من ذلك.

وأما تصحيح ابن المديني وأحمد، فلا يثبت عندي؛ أما ابن المديني: فإن نقله لرأي ابن عيينة في هذا الحديث، وإقراره إياه: كافٍ في أن يأخذ هو بقول شيخه فيه، إلا أن يثبت لدينا نقل صحيح عنه بمخالفته فيه، وعليه فالأصل: أن ابن المديني يضعِّف الحديث تبعًا لشيخه ابن عيينة الذي ساق حجته في تضعيف هذا الحديث من وجوه:

لم نجد شيئًا نشُدُّ به هذا الحديث.

ولم يجئ إلا من هذا الوجه.

وكان إسماعيل إذا حدث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدونه به.

وذكر أن شيخ إسماعيل بن أمية كان يخلط فيه.

وعلى هذا فالذي ينقل عن ابن المديني خلاف هذا فيأتي ببرهان، أو إسناد صحيح؟

وأما تصحيح أحمد له فلا يثبت كذلك، وقد نقل التصحيحين عنهما ابن عبد البر، حيث قال في الاستذكار (٢/ ٢٨١): "وأما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني فكانا يصححان هذا الحديث".

وهذا جزم منه بنسبة التصحيح إليهما، لكنه قال في التمهيد (٤/ ١٩٩): "وهذا الحديث عند أحمد بن حنبل ومن قال بقوله: حديث صحيح، وإليه ذهبوا، ورأيت أن علي بن المديني كان يصحح هذا الحديث ويحتج به".

وبهذا يظهر أن ابن عبد البر نزَّل الاحتجاج بالحديث، أو بغيره من الآثار، والعمل به منزلة التصحيح الصريح؛ أما ردُّ تصحيح ابن المديني فقد تقدم، وأما ردُّ تصحيح أحمد،

<<  <  ج: ص:  >  >>