ثم قال ابن المنذر: "ومع ضعف هذه الروايات فقد ثبت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خبر يدل على إباحة الصلاة خلف النائم، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وعائشة نائمة بين يديه"، ثم أسند حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الليل، وأنا معترضة بينه وبين القبلة، على الفراش الذي رقد عليه هو وأهله، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر معه.
ثم قال: "وفي قولها: فإذا أراد أن يوتر أيقظني: بيان أنها كانت نائمة، وفيه دليل على أنه إنما أيقظها لتوتر معه، لا كراهية أن يوتر وهي بين يديه، ولا فرق بين الوتر وبين سائر الصلوات التطوع".
• وهكذا فقد أعل الأئمة حديث الباب وضعفوه بحديث عائشة - رضي الله عنها - المتفق على صحته، وهذا فضلًا عن تضعيفهم لحديث الباب:
• فهذا الإمام البخاري بوَّب في صحيحه، في (٨) كتاب الصلاة، بابًا فقال: باب الصلاة خلف النائم، ثم أسند حديث عائشة [برقم (٥١٢)]، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت [وسيأتي تخريجه قريبًا إن شاء الله تعالى برقم (٧١٠)].
فدل حديث عائشة على صحة الصلاة خلف النائم، وفيه إشارة من البخاري إلى تضعيف حديث الباب.
قال ابن حجر في الفتح (١/ ٥٨٧): "وكأنه أشار أيضًا إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم".
• وبوَّب النسائي لحديث عائشة بقوله: "الرخصة في الصلاة خلف النائم" [الحديث رقم (٧٥٩)].
• كما أن ابن خزيمة لما أخرج في صحيحه حديث عائشة هذا برقم (٨٢٣)، ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل وأنا نائمة بينه وبين القبلة، فإذا كان الوتر أيقظني؛ بوَّب له بقوله: "باب ذكر البيان على توهين خبر محمد بن كعب: "لا تصلوا خلف النائم، ولا المتحدثين"، ولم يَروِ ذلك الخبرَ أحدٌ يجوز الاحتجاج بخبره".
• وقال أبو عوانة: "بيان إباحة الصلاة إلى البعير المناخ، وإلى المرأة النائمة، وبجنبها، وإن كانت حائضًا، وكذلك بحذائها، وإلى الحربة الموضوعة بين يدي المصلي، والدليل على أنهن سترة للمصلي، وعلى أن المارة بخلاف النائمة، وعلى أن الصلاة خلف النائم جائزة"، واحتج بحديث عائشة.
• وقال الخطابي في المعالم (١/ ١٦١) بعد أن ضعف طرق الحديث: "وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى وعائشة نائمة، معترضة بينه وبين القبلة".
• وقال البيهقي: "فأما الصلاة وبين يديه نائم؛ فلا يحتشم منه، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، وذلك فيما أخبرنا. . ."، ثم أسند حديث عائشة.