اسم عيسى بن موسى هذا لمن دلائل جهالته، وعدم اشتهاره بالطلب والرواية، هذا مع قلة مروياته، ومن روى عنه، وقد ضعفه أبو حاتم، وترجم له البخاري مرتين، مرة قال: عيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن البكير، وقال مرة أخرى: موسى بن عيسى بن لبيد بن إياس الليثي، وهو نفسه، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم، وقال عنه أبو حاتم في الموضع الأول:"ضعيف"، وقال في الموضع الثاني: إلا أعرف لبيدًا في هذا النسب، وهو عيسى بن موسى بن إياس بن بكير"، وقال أبو زرعة في الموضع الثاني: "إنما هو: عيسى بن موسى بن لبيد بن إياس بن بكير" [التاريخ الكبير (٦/ ٣٩٣) و (٧/ ٢٩٠)، الجرح والتعديل (٦/ ٢٨٥) و (٨/ ١٥٦)، الثقات (٥/ ٢١٦) و (٧/ ٢٣٤)، المغني (٢/ ٥٠١)، الميزان (٣/ ٣٢٥)، التهذيب (٣/ ٣٦٩)].
وقد اضطرب فيه عيسى بن موسى نفسه، فقد رواه الليث بن سعد [ثقة ثبت إمام]، قال: حدثني عيسى، عن صفوان بن سليم، عن رجل من أشجع، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى فليتقدم إلى سترته".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٦/ ٣٩٣).
فسقط بذلك هذا الطريق، لعدم صلاحيته، والله أعلم.
٤ - ورواه ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر [مصري، ثقة]، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد الساعدي، عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يجوز الشيطان بينه وبين صلاته".
أخرجه الطبراني في الكبير (٦/ ٢٠٤/ ٦٠١٤)، والدارقطني في الأفراد (١/ ٣٩٦/ ٢١٤١ - أطرافه).
قال الطبراني: "هكذا رواه ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، ورواه ابن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة".
وقال الدارقطني: "تفرد به: ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر، وأسنده عن سهل بن سعد، وغيره يسنده عن سهل بن أبي حثمة".
وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وفي قول هذين الإمامين إشارة إلى توهيم ابن لهيعة، في قوله: سهل بن سعد، وإنما هو سهل بن أبي حثمة، كما قال ابن عيينة.
• وهذا الاختلاف على صفوان بن سليم لا يوجب اطراح الحديث، ولا يدعو للتوقف عن قبوله، ولا يقال بأنه حديث مضطرب، حيث لم تستو الطرق إلى صفوان بن سليم في الصحة والقوة، أما الطريقان الثالث والرابع: فضعيفان، وأما الثاني وإن كان رواته ثقات إلا إنهم اختلفوا فيه اختلافًا يدل على عدم ضبط راويه لإسناده، فلم يبق عندنا سوى حديث سفيان بن عيينة، وهو ثقة حافظ، إمام حجة، ولم يختلف عليه في إسناده، فطريقه هو المحفوظ الثابت عن صفوان بن سليم، والله أعلم.