فهذا حديث قُلِب إسنادُه ومتنه، ودخل لراويه حديث في حديث، فليس هذا من حديث الثوري، والمحفوظ عنه ما رواه عنه ثقات أصحابه.
• وأما هذا المتن فيرويه ببعض سنده: وكيع، وأبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيري، وعمر بن سعد أبو داود الحفري، وأبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي، وابن أبي فديك، وعلي بن قادم [وهم مشهورون بالصدق والعدالة، وفيهم ثقات أثبات]:
عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب [وقال بعضهم: عبيد الله بن عبد الله بن موهب، والصحيح: الأول]، قال: سمعت عمي عبيد الله بن موهب [وقال أبو أحمد: عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، والصحيح: عبيد الله بن عبد الله بن موهب]؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم أحدكم ما له في أن يمشي بين يدي أخيه معترضًا وهو يناجي ربه، لكان أن يقف في ذلك المقام مئة عام أحبَّ إليه من الخطوة التي خطا".
وفي رواية: "لو يعلم أحدكم ما عليه في أن يمر بين يدي المصلي معترضًا؛ كان أن يقف مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها". وقال عمر بن سعد: "أربعين عامًا".
أخرجه ابن ماجه (٩٤٦)، وابن خزيمة (٢/ ١٤/ ٨١٤)، وابن حبان (٦/ ١٢٩/ ٢٣٦٥)، وأحمد (٢/ ٣٧١)، وعبد بن حميد (١٤٥٢)، والطحاوي في المشكل (١/ ٨٤/ ٨٧)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (٣٢٤) (٢٤٧٩ - المخلصيات)، وابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٢٧٨).
قال عبد الحق في الأحكام الكبرى (٢/ ١٦٦): "عم عبيد الله هو: عبيد الله بن عبد الله بن موهب القرشي المدني، والد يحيي، سمع أبا هريرة، سمع منه ابن أخيه عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن موهب، ذكر ذلك البخاري".
وهذا إسناد ضعيف؛ عبيد الله بن عبد الله بن موهب: مجهول [ضعفاء العقيلي (٤/ ٤١٥)، الثقات (٥/ ٧٢)، مشاهير علماء الأمصار (٤٩٣)، بيان الوهم (٥/ ١١١ و ١٤٥/ ٢٣٦٦ و ٢٣٨٧)، التهذيب (٣/ ١٦)].
والراوي عنه: عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب التيمي المدني: ليس بالقوي [انظر: التهذيب (٣/ ١٨)، إكمال مغلطاي (٩/ ٤٣)، الميزان (٣/ ١٢)، التاريخ الأوسط (٣/ ٢٨٤/ ٤٥٠)، تخريج الذكر والدعاء (١٤٢)].
قال الطحاوي: "وحديث أبي هريرة هذا هو عندنا -والله أعلم- متأخِّر عن حديث أبي الجهيم الذي رويناه في صدر هذا الباب؛ لأن في حديث أبي هريرة الزيادة في الوعيد للمارِّ بين يدي المصلي، والذي في حديث أبي الجهيم التخفيف، وأولى الأشياء بنا أن نظنه بالله تعالى: الزيادة في الوعيد للعاصي المارِّ بين يدي المصلي؛ لا التخفيف من ذلك عنه في مروره بين يدي المصلي".
قلت: هذا لو صح الحديث، فإذ لم يصح فلنسترح من هذا العناء.