للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وانظر فيمن وهم في إسناده: معرفة الصحابة لأبي نعيم (٦/ ٣٠٤٤/ ٧٠٥٠).

• ورواه أحمد بن حاتم بن مخشى: نا حماد بن زيد: نا عمرو بن دينار، عن عثمان [وفي رواية: عباد] بن المطلب، عن المطلب بن أبي وداعة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند حيال الركن عند السقاية، والنساء والرجال يمرون بين يديه.

أخرجه ابن قانع في المعجم (٣/ ١٠٠)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٩٠/ ٦٨٦).

وهذا حديث غريب جدًّا، وهو وهم، تقدم الكلام عليه.

وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (٢/ ٥٠٦/ ٦٥٠١)، الحديث المتقدم برقم (٦٨٤).

• وحاصل ما تقدم من أحاديث في الصلاة إلى غيرة سترة:

فأحاديث هذا الباب إما صحيح غير صريح، وإما صريح غير صحيح، وغاية ما يمكن الاحتجاج به مما صح هو حديث ابن عباس [عند البخاري]: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى إلى غير جدار، لكنه كما قلت ليس صريحًا في بيان المراد، وقد تقدم بيان المراد من قوله: إلى غير جدار، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في أرض خلاء، ولم يذكر ابن عباس شأن السترة، وقد كانت عادته - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى في أرض فضاء أن يصلي إلى العنزة، كما في حديث أبي جحيفة وحديث ابن عمر وغيرهما، وتقدم تفصيل القول فيه في موضعه، وأما ما جاء صريحًا في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى غير سترة، فلا يصح من ذلك شيء، والله أعلم.

لكن الزهري قد احتج بحديث عائشة - رضي الله عنها - في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي معترضة بين يديه، احتج به على جواز الصلاة إلى غير سترة، فقد سأله عبد الرحمن بن نمر عن إمام يصلي بلا سترة؟ فقال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله [مسند الشاميين (٢٨٩٠)] [وتقدم تخريجه قريبًا تحت الحديث رقم (٧١١)].

وهو دليل قوي في هذه المسألة، وهو صالح لصرف الأمر الوارد في حديث سبرة بن معبد مرفوعًا: "استتروا في صلاتكم، ولو بسهم" [وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٤٩٤)، وذكرته في شواهد الحديث رقم (٦٨٨)]، فقد دل حديث سبرة هذا على وجوب اتخاذ السترة بدلالة الأمر والسياق، لكن دلالة هذا الأمر على الوجوب يمكن صرفها إلى الاستحباب إذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى إلى غير سترة، وقد ثبت، كما في حديث عائشة، وقد احتج به الزهري على المطلوب، وعليه: فإن اتخاذ السترة مستحب، وليس بواجب، ومن صلى إلى غير سترة صحت صلاته، وأجزأته من غير إثم، لا سيما مع أمن أن لا يمر بين يديه أحد، والله أعلم.

قال ابن القاسم في المدونة (١/ ١١٣): "وقال مالك: من كان في سفر فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة، وأما في الحضر فلا يصلي إلا إلى سترة.

قال ابن القاسم: إلا أن يكون في الحضر بموضع يأمن أن لا يمر بين يديه أحد، مثل الجنازة يحضرها فتحضره الصلاة خارجًا، وما أشبه ذلك، فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة".

<<  <  ج: ص:  >  >>