قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب.
وهذا موقوف على أنس، بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وتقدم تخريجه مفصلًا تحت الحديث رقم (٧٠٢).
• والحاصل: أنه لا يصح شيءٌ في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقطع الصلاة شيء".
والعقيلي لما أخرج هذا من قول حذيفة موقوفًا عليه، في ترجمة الزبرقان بن عبد الله العبدي (٢/ ٨٢)، قال: "وفي هذا رواية من غير هذا الوجه فيها لين وضعف".
وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ٢٢٧): "حديث: "لا يقطع صلاة المرء شيء": ضعيف".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والذين خالفوا أحاديث القطع للصلاة لم يعارضوها إلا بتضعيف بعضها، وهو تضعيف من لم يعرف الحديث، ... ، أو بأن عارضوها بروايات ضعيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقطع الصلاة شيء"" [مجموع الفتاوى (٢١/ ١٦)، القواعد النورانية (١/ ٨٤)].
وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ٦٩٧): "وقد روي هذا المتن من حديث: علي، وأبي هريرة، وعائشة، وأبي أمامة، ولا يثبت منها شيء".
***
قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نُظِر إلى ما عَمِل به أصحابه من بعده.
قلت: لم يتفق الصحابة في ذلك، بل قد اختلفوا فيه أيضًا:
• أولًا: الآثار الواردة عن الصحابة في أن الصلاة لا يقطعها شيء:
١ - عن أبي بكر وعمر:
رواه يحيى بن المتوكل: ثنا إبراهيم بن يزيد: ثنا سالم بن عبد الله، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر، وعمر، قالوا: "لا يقطع صلاة المسلم شيء، وادرأ ما استطعت".
وهو حديث منكر؛ والمعروف: موقوف على ابن عمر قوله، وتقدم ذكره تحت حديث ابن عمر في الشواهد برقم (٤).
٢ - عن عثمان بن عفان:
أ- روى عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أراد رجل أن يجيز أمام حميد بن عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى عثمان، فقال للرجل: ما يضرك لو ارتددت حين ردَّك؟! ثم أقبل على حميد، فقال له: ما ضرَّك لو أجاز أمامك، إن الصلاة لا يقطعها شيء؛ إلا الكلام والأحداث.